بحضور مفتي الجمهورية: الوطنية للإعلام تحتفل بمرور 61 عاماً على تأسيس إذاعة القرآن الكريم

بحضور مفتي الجمهورية: الوطنية للإعلام تحتفل بمرور 61 عاماً على تأسيس إذاعة القرآن الكريم
ماسبيرو.. يعود بصوته الأصيل وعطر تلاواته المباركة
كتب د. وائل بدوى
في أجواء يسودها الاعتزاز والرهبة والروحانية، تحتفل الهيئة الوطنية للإعلام – الثلاثاء، بمرور واحد وستين عاماً على انطلاق واحدة من أعظم الإذاعات المصرية والعربية والإسلامية على الإطلاق: إذاعة القرآن الكريم، التي بزغت شمسها في سماء الإعلام المصري يوم 25 مارس عام 1964، لتكون منارة قرآنية تحمل عبق التلاوة، وصوت مصر الإيماني إلى أرجاء الدنيا.
ويُقام الاحتفال الرسمي في مبنى الإذاعة والتلفزيون بماسبيرو، بحضور نخبة من القيادات الإعلامية، والرموز الدينية، وكوكبة من الإعلاميين وقراء القرآن الكريم، حيث تتزين القاعة الرئيسية لتشهد تكريم عدد من رموز ورواد إذاعة القرآن الكريم، الذين أفنوا أعمارهم في خدمة كتاب الله وتقديم النموذج الأصيل للإعلام الديني الراقي والملتزم.
وفي حدث يضفي على المناسبة قدسية ووقاراً، يُشرف الحفل بحضور فضيلة مفتي الديار المصرية، الدكتور نظير عياد، والذي سيلقي كلمة بالمناسبة، تتناول مكانة القرآن الكريم في حياة الأمة، ودور الإعلام في نشر تعاليمه السمحة، كما سيشارك فضيلته في تكريم عدد من الأسماء اللامعة التي ساهمت في صناعة هذا الكيان العريق.
وفي هذا السياق، عبّر الكاتب أحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، عن فخره واعتزازه بهذه المناسبة، مؤكداً أن “إذاعة القرآن الكريم، التي تُعرف بلقب إذاعة السبعين مليون مستمع، استطاعت على مدار أكثر من ستة عقود أن تحافظ على هويتها، وتؤدي رسالتها الخالدة دون تحوّل أو انحراف، بل رسّخت صورة مصر الروحية في أذهان العرب والمسلمين، وأصبحت بمثابة المعلم الأول لفن التلاوة وعلوم الترتيل والتجويد”.
وقال المسلماني: “نحتفل اليوم ليس فقط بمرور 61 عاماً على انطلاق بث إذاعة، بل نحتفل بذاكرة أمة، وبصوت الإيمان الذي ظل يوقظ القلوب قبيل الفجر، ويهدي العقول عند الضحى، ويبث الطمأنينة مع كل أذان وموعظة وتفسير”.
منذ لحظة انطلاقها، كانت إذاعة القرآن الكريم بوابة أجيال كاملة إلى سماع أعذب الأصوات القرآنية وأعمق التفاسير وأكثر الخطب تأثيراً. وبرزت من خلالها مدرسة التلاوة المصرية، التي قدمت للعالم عمالقة القراء أمثال:
•الشيخ محمد رفعت
•الشيخ مصطفى إسماعيل
•الشيخ عبد الباسط عبد الصمد
•الشيخ محمود خليل الحصري
•الشيخ الطبلاوي
•الشيخ محمد صديق المنشاوي
•وغيرهم من الذين شكلوا وجدان الملايين من المسلمين حول العالم.
ولم تكن الإذاعة فقط منبراً للتلاوة، بل كانت أيضاً مركزاً لنشر الثقافة الإسلامية، وشرح الأحكام الشرعية، وتقديم البرامج الدينية الراقية مثل “نور على الدرب”، “حديث الروح”، “في رحاب الإيمان”، وغيرها من الأعمال التي شكلت مرجعية إعلامية دينية موثوقة.
في وقتٍ يشهد فيه العالم الإسلامي محاولات مستمرة لتفريغ الدين من جوهره، وتقديم نسخ مشوهة من التدين، وقفت إذاعة القرآن الكريم شامخة، صامدة، لم تنجر وراء الموضات الإعلامية، ولا أساليب الإثارة والتشويق الرخيص، بل ظلت كما هي: صوت الوقار، وذاكرة السكينة، ومرآة للقرآن في أبهى تجلياته.
هذه الإذاعة لم تكن يوماً مجرد وسيلة إعلام، بل كانت وما زالت مؤسسة لصناعة الوعي الديني الصحيح، وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال، وإبراز صورة الإسلام الحضاري الذي يحترم العقل ويهذب السلوك.
يتضمن الحفل فقرات متنوعة، حيث سيتم تكريم عدد من رواد العمل الإذاعي والديني الذين أثروا إذاعة القرآن الكريم بإبداعاتهم، وأثبتوا أن الكلمة الطيبة صدى لا يزول. كما سيتم استعراض أبرز محطات تطور الإذاعة، وخططها المستقبلية نحو الرقمنة والتوسع العالمي عبر المنصات الرقمية، لتبقى في صدارة الإعلام الديني في العصر الحديث.
رغم التحديات والتغيرات التي عصفت بمشهد الإعلام في العقود الأخيرة، تبقى إذاعة القرآن الكريم أحد أعمدة ماسبيرو الصلبة، ونموذجاً نادراً للإعلام الهادف، بل هي “قبلة الحياة” التي يتنفس بها ماسبيرو، ويثبت بها أنه ما زال قادراً على تقديم ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
إنها لحظة وفاء من الوطن لمن حفظوا الكلمة، وصدحوا بالحق، ونقلوا النور من المصاحف إلى الأثير.
فلنحتفل جميعاً بمرور 61 عاماً من العطاء، ولنردد جميعاً: “هنا إذاعة القرآن الكريم من القاهرة..”