غير مصنف
أخر الأخبار

“لعبة العقل” مسلسل لام شمسية.. كيف يحول المؤذي النفسي ضحيته إلى فريسة للجنون؟

“لعبة العقل” مسلسل لام شمسية.. كيف يحول المؤذي النفسي ضحيته إلى فريسة للجنون؟

كتبت : سها البغدادي

في مسلسل “لام شمسية”، يقدم الممثل محمد شاهين أداءً استثنائيًا في دور “وسام”، الشخصية التي تجسد نموذجًا للمؤذي النفسي المتلاعب. شخصية تبدو للوهلة الأولى حنونة، محبة، تهتم بزوجتها “رباب” (يسرا اللوزي) وتغرقها في الحنان والاهتمام، لكنها في الحقيقة لا تفعل ذلك إلا لهدف واحد: السيطرة والتحكم.

المؤذي النفسي ليس دائمًا شخصًا يصرخ أو يمارس العنف الجسدي، بل قد يكون ذلك الشخص الهادئ، البارد، الذي يتلاعب بالمشاعر ببراعة، ويخلق فوضى داخل عقل ضحيته حتى تفقد ثقتها بنفسها وبواقعها. وهنا تكمن خطورة التلاعب النفسي، فهو لا يُمارَس بشكل مباشر، بل يتم بطريقة تدريجية، تُفقِد الضحية إدراكها لما يحدث حولها حتى تقع في شِباكه بالكامل.

“أنا هاجننك”.. عندما يصبح الضحية مرآة للمؤذي
في أحد المشاهد، نرى وسام يخبر زوجته بابتسامة هادئة: “وحشتيني أوي من امبارح”. لكن قبلها بلحظات فقط، كان يهددها قائلاً: “قولي لبنتنا الحقيقة.. مش هتصدقك، وهتكرهك أكتر.. وساعتها هتلاقي نفسك مرمية في المصحة”. هنا يظهر التناقض الصارخ الذي يستخدمه المؤذي لخلق اضطراب نفسي شديد لدى ضحيته.

هذا النوع من السلوك يعرف في علم النفس بـ**”التقمص الإسقاطي”**، حيث يقوم الشخص المؤذي بإسقاط مشاعره السلبية، اضطراباته، وكراهيته لذاته على ضحيته، مما يجعلها تشعر بأنها هي المشكلة، هي المذنبة، وهي التي تستحق العقاب. في النهاية، تنهار رباب وتحاول الانتحار، بينما يبقى وسام متماسكًا، بلا دمعة، بلا انفعال حقيقي، وكأن ما حدث لم يكن أكثر من مشهد في فيلم يشاهده.

كيف يسيطر المؤذي على ضحيته؟

المؤذي النفسي لا يستخدم العنف الجسدي بالضرورة، لكنه يتقن استراتيجيات نفسية خطيرة تجعل الضحية مشوشة، ضعيفة، وغير قادرة على اتخاذ قرارات سليمة. إليك بعض أدواته الرئيسية في التلاعب:

الرسائل المزدوجة: يقول شيئًا ويفعل العكس تمامًا، ما يجعل الضحية في حالة حيرة دائمة. مثل أن يخبرك أنه يحبك، لكنه في الوقت نفسه يتجاهلك أو يجرحك عمدًا.
إثارة الشعور بالذنب: يجعلك دائمًا تشعر بأنك السبب في المشاكل، حتى لو كنت الضحية الحقيقية.
الحرمان العاطفي المفاجئ: يغرقك في الحب والاهتمام، ثم يسحب هذا الاهتمام فجأة، ما يجعلك مدمنًا على محاولات استعادته.
التحكم بالعزلة: يحاول إبعادك عن أصدقائك وعائلتك حتى تصبح ضعيفًا ومعتمدًا عليه بالكامل.
التقليل من شأنك: يجعلك تشعر بأنك غير كافٍ، غير جدير بالحب، وغير قادر على النجاح بمفردك.

لماذا ينجح المؤذي النفسي؟

المؤذي النفسي غالبًا ما يستهدف الأشخاص الطيبين، الحساسين، الذين لديهم استعداد للثقة في الآخرين. هؤلاء الأشخاص عادةً لا يتوقعون أن هناك من يتعمد إيذاءهم نفسيًا، مما يجعلهم فريسة سهلة للخداع والتلاعب.

كما أن المجتمع نفسه قد يساعد المؤذي دون قصد، حيث نجد كثيرًا من الضحايا عندما يحاولون شرح معاناتهم يُواجهون بعبارات مثل “يمكن انتِ بتكبري الموضوع”، “هو بس عنده ضغط نفسي”، “حاولي تتفاهمي معاه”، مما يجعل الضحية تتشكك في نفسها أكثر، وتظل عالقة داخل الحلقة المفرغة من الألم والشك.

كيف نواجه التلاعب النفسي؟

الوعي: إدراك أن ما تمر به ليس طبيعيًا هو الخطوة الأولى للتحرر.
الحدود الواضحة: لا تسمح لأحد بالتقليل من شأنك أو التلاعب بمشاعرك.
عدم البحث عن التبرير: المؤذي لن يتغير مهما حاولت، فالتغيير يجب أن يكون من داخلك.
الدعم النفسي: التحدث مع شخص موثوق أو مختص يساعدك في استعادة ثقتك بنفسك.
الخروج من العلاقة: في بعض الحالات، يكون الحل الوحيد هو الابتعاد تمامًا عن المؤذي لحماية صحتك النفسية.

ختامًا.. متى يصبح الحب سلاحًا للتدمير؟

في العلاقات السامة، الحب ليس حبًا، بل وسيلة للسيطرة. المؤذي يستخدم العواطف كأداة لإبقاء الضحية تحت سيطرته، واللعب بعقلها حتى تفقد القدرة على رؤية الحقيقة. مسلسل “لام شمسية” لم يكن مجرد دراما، بل كان مرآة تعكس الواقع المؤلم لكثيرين يعيشون في ظلال العلاقات السامة.

لذا، إذا وجدت نفسك في علاقة تجعلك تشك في نفسك، تفقد هويتك، أو تشعر بأنك تسير في دوامة من الألم دون مخرج، فتذكر دائمًا: الخطأ ليس فيك، ولكن في الشخص الذي يحاول تدميرك نفسيًا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى