محافظات

خريطة الإسكندرية عام 1868: ملامح مدينة تنبض بالتاريخ وتُبحر نحو الحداثة

خريطة الإسكندرية عام 1868: ملامح مدينة تنبض بالتاريخ وتُبحر نحو الحداثة

كتب ا د وائل بدوى

 في عام 1868، كانت مدينة الإسكندرية تقف عند مفترق تاريخي فريد، تحمل بين شوارعها عبق الحضارات القديمة وتستعد للانطلاق في مسار التحديث الذي بدأ في عهد الخديوي إسماعيل. وتُعد خريطة الإسكندرية التي وُضعت في هذا العام وثيقة نادرة تكشف تفاصيل دقيقة عن معالم المدينة، وتختزل ملامحها الجغرافية والعمرانية والثقافية في لحظة فاصلة من الزمن.

الإسكندرية ما بين الشرق والغرب

تكشف خريطة 1868 عن مدينة تتوزع بين أصولها الشرقية ذات الطابع الإسلامي والعثماني، وبين الملامح الأوروبية التي بدأت تظهر بوضوح في تخطيط الشوارع والمباني. يظهر ميناء الإسكندرية كنبضٍ اقتصادي نشط، تعج أرصفته بالسفن القادمة من أوروبا، في وقت كان فيه البحر المتوسط بوابةً كونية مفتوحة.

تُظهر الخريطة مناطق مثل الأنفوشي، والمنشية، ومحطة الرمل كأحياء رئيسية، بينما كانت مناطق مثل سموحة ومصطفى كامل ما تزال أراضيَ زراعية أو مستنقعات غير مأهولة.

المعالم الحاكمة: قصور ومساجد وأسواق

تميزت المدينة آنذاك بوجود معالم بارزة مثل قصر رأس التين الذي كان مقرًا للخديوي، والطابية الشرقية التي حافظت على ملامح الدفاع العسكري للمدينة، إضافة إلى عدد من المساجد الكبيرة التي ارتبطت بالطرز المعمارية المملوكية والعثمانية.

أما الأسواق، فقد كانت ممتدة في قلب المنشية، حيث تتقاطع التجارة المصرية مع البضائع الأوروبية، ما جعل الإسكندرية مركزًا عالميًا للتبادل التجاري والثقافي.

الهوية السكندرية في مرآة الخريطة

أبرز ما تكشفه خريطة 1868 هو ذلك التوازن الدقيق بين الهوية المحلية التي تعكس تاريخ المدينة كمركز للعلم والثقافة الإسلامية، وبين الهوية العالمية التي بدأت تتبلور بفعل توافد الجاليات اليونانية والإيطالية والفرنسية، والبعثات التعليمية، ومشاريع البنية التحتية.

الخريطة توثق شبكة الطرق الناشئة آنذاك، والتي بدأت تتخذ نمطًا هندسيًا يشبه التخطيط الأوروبي الحديث، وهو ما مهّد لإنشاء ترام الإسكندرية لاحقًا عام 1863، كأول خط ترام كهربائي في العالم العربي وإفريقيا.

وثيقة حضارية نادرة

اليوم، تُعد خريطة الإسكندرية لسنة 1868 من الوثائق التاريخية النادرة التي يحتفظ بها أرشيف الخرائط في أوروبا ومصر، وتُستخدم في دراسات التخطيط الحضري، وعلم الآثار، وإحياء التراث. إنها ليست مجرد خريطة، بل شهادة حية على مدينة كانت دومًا مفتوحة على العالم، ومشبعة بروح التنوع، ومستعدة دومًا لإعادة تشكيل نفسها.

خريطة الإسكندرية عام 1868

تُعد هذه الخريطة التي رسمها المهندس الفرنسي “ل. بارو” عام 1868 وثيقة تاريخية هامة تُبرز ملامح مدينة الإسكندرية في القرن التاسع عشر. تُظهر الخريطة تخطيط المدينة، بما في ذلك الشوارع الرئيسية، والموانئ، والمعالم البارزة مثل قصر رأس التين وميناء الإسكندرية. كما تُبرز الخريطة التوسع العمراني الذي شهدته المدينة خلال تلك الفترة، مما يعكس التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها الإسكندرية في ظل التحديث الذي شهده عهد الخديوي إسماعيل.

تُعتبر هذه الخريطة مصدرًا قيمًا للباحثين والمهتمين بتاريخ الإسكندرية، حيث توفر نظرة تفصيلية على البنية التحتية والتخطيط الحضري للمدينة في ذلك الوقت.

تم نسخ الرابط بنجاح!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى