2 أبريل.. اليوم العالمي للتحقق من المعلومات: المعركة ضد الزيف تبدأ من “كليك”
2 أبريل.. اليوم العالمي للتحقق من المعلومات: المعركة ضد الزيف تبدأ من “كليك”
كتب د. وائل بدوى
في عالم لا يتوقف عن النشر ولا يعرف التريّث في التفاعل، أصبح التحقق من المعلومات ضرورة يومية، لا ترفًا معرفيًا. ومع تدفق الأخبار على مدار الساعة، وطفرة وسائل التواصل الاجتماعي، خصص العالم يوم 2 أبريل من كل عام كيوم عالمي للتوعية بأهمية التحقق من المعلومات، أو ما يُعرف بـ Fact-Checking.
لكن ماذا يعني أن نتحقق من المعلومة؟ ومن المسؤول عن ذلك في زمن “كلنا صحفيون” و”كلنا لدينا جمهور”؟ الأهم: ما دور الذكاء الاصطناعي الآن ومستقبلًا في هذه المهمة الدقيقة؟
من أين جاءت الفكرة؟
بدأت فكرة اليوم العالمي للتحقق من المعلومات كمبادرة من منظمات صحفية دولية، بقيادة شبكات مثل International Fact-Checking Network التابعة لمعهد بوينتر في الولايات المتحدة، بهدف مقاومة الأخبار الزائفة ومواجهة ظاهرة المعلومات المضللة، خاصة مع تأثيرها المباشر على الانتخابات، الاقتصاد، الأوبئة، وحتى السلم الاجتماعي.
عصر الـ “Fake News” ومصادر لا تُحاسب
اليوم، يستطيع أي شخص نشر معلومة مغلوطة، سواء عن قصد أو عن جهل، وتحظى بملايين المشاركات في غضون ساعات. والأخطر؟ أن تصحيح تلك المعلومة لا يصل إلى نفس جمهورها إلا بنسبة ضئيلة.
فأصبحنا في عصر يحتاج فيه كل قارئ إلى أدوات للتحقق، وكل صحفي إلى سرعة تفنيد، وكل منصة رقمية إلى وعي تقني ومجتمعي.
الذكاء الاصطناعي: سلاح ذو حدين
وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي، الذي قد يكون الحارس الأمين… أو الصانع الماكر للأكاذيب.
الجانب المشرق:
• أنظمة كشف التضليل: هناك خوارزميات متطورة قادرة على تتبع مصدر الخبر، وتحليل محتواه، ومقارنته بالمصادر الموثوقة خلال ثوانٍ.
• التعرف على الصور والفيديوهات المعدلة: باستخدام تقنيات التعلم العميق، يمكن اكتشاف التلاعب في الوسائط المرئية، خاصة في ظل ظاهرة الـ Deepfake.
• روبوتات التحقق (Fact-bots): مثل أدوات ClaimReview أو محركات جوجل لتقييم مصداقية الادعاءات المنتشرة.
الجانب المظلم:
• نفس الأدوات يمكن أن تُستخدم لتوليد محتوى مزيف يصعب تمييزه.
• بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على تأليف مقالات مقنعة تحتوي على معلومات خاطئة لكنها تبدو “علمية”.
هل الذكاء الاصطناعي بديل للصحفي؟
الإجابة الدقيقة: لا.
الذكاء الاصطناعي لا يزال يعتمد على البيانات التي يتغذى بها. الصحفي المحقق أو الباحث يملك الخبرة البشرية والسياق الثقافي، وهو ما لا يمكن برمجته حتى الآن بشكل كامل. لذا، فإن الأداة الأفضل هي التكامل: عقل بشري ناقد مدعوم بأدوات ذكية دقيقة.
المواطن هو خط الدفاع الأول
لا يمكن ترك مسؤولية التحقق فقط للمؤسسات الصحفية أو منصات التواصل. كل مستخدم يمتلك زر “مشاركة” هو مشارك في نشر الحقيقة… أو الكذب.
تعلم مهارات التحقق البسيطة مثل:
• قراءة ما وراء العنوان.
• تتبع مصدر المعلومة.
• مقارنة الروايات من أكثر من مصدر.
• استخدام أدوات مفتوحة مثل: Google Fact Check, TinEye, Snopes.
الخلاصة:
يأتي 2 أبريل كل عام ليذكرنا بأن المعرفة لا تكتمل بدون مسؤولية، وأن الكلمة قد تكون دواءً أو سمًا.
وفي عصر الذكاء الاصطناعي، لم يعد السؤال فقط: “هل ما تقرأه صحيح؟” بل أيضًا: “من برمجه؟ ولماذا؟”
التحقق من المعلومات ليس رفاهية صحفية، بل واجب مدني… ومهارة أساسية للبقاء في عالم تتغير فيه الحقيقة بسرعة “النقرة”.