الأدوات المستخدمة في الهجمات السيبرانية: الأساليب المتطورة وسبل الحماية الفعالة وفقًا لتقرير Group-IB 2025

الأدوات المستخدمة في الهجمات السيبرانية: الأساليب المتطورة وسبل الحماية الفعالة وفقًا لتقرير Group-IB 2025
كتب د. وائل بدوى
تشير التقارير الحديثة إلى تزايد استخدام الأدوات المتطورة في الهجمات السيبرانية، مما يجعل التهديدات الإلكترونية أكثر تعقيدًا وقدرة على تجاوز وسائل الحماية التقليدية. تعتمد الجهات المهاجمة على مجموعة من الأدوات والتقنيات التي تمكنها من تنفيذ عمليات اختراق، سرقة بيانات، وابتزاز رقمي ضد الأفراد والمؤسسات على حد سواء. من بين أكثر الأدوات استخدامًا في هذه الهجمات برامج الفدية (Ransomware)، التي تعمل على تشفير بيانات الضحية وطلب فدية مقابل استعادتها. مثال على ذلك مجموعة LockBit التي تصدرت قائمة الهجمات في 2024 باستخدام برمجيات فدية متطورة تعتمد على تشفير قوي وآليات انتشار سريعة.
إلى جانب برامج الفدية، يعتمد القراصنة على أدوات التصيد الاحتيالي (Phishing) التي تستغل الهندسة الاجتماعية لخداع المستخدمين وسرقة بياناتهم الحساسة. يتم ذلك عبر رسائل بريد إلكتروني مزيفة تبدو وكأنها مرسلة من جهات موثوقة، مثل المؤسسات المالية أو الشركات المعروفة، وتطلب من المستخدمين إدخال بياناتهم الشخصية. على سبيل المثال، تم تسجيل زيادة بنسبة 22% في هجمات التصيد خلال عام 2024، حيث استُخدمت صفحات مزيفة تحمل شعارات الشركات الشهيرة لإقناع الضحايا بالكشف عن كلمات المرور الخاصة بهم.
تُستخدم أيضًا برمجيات التجسس وسرقة البيانات مثل RedLine Stealer وRaccoon Stealer، وهي أدوات تقوم بسرقة بيانات تسجيل الدخول، كلمات المرور، وملفات الضحايا من أجهزتهم دون علمهم. تنتشر هذه الأدوات غالبًا عبر تحميلات مزيفة للبرامج أو من خلال إعلانات مخادعة على الإنترنت. كذلك، أصبحت هجمات استغلال الثغرات الأمنية أكثر شيوعًا، حيث يستخدم القراصنة أدوات مثل Cobalt Strike وMetasploit لاكتشاف واستغلال نقاط الضعف في أنظمة التشغيل والتطبيقات المختلفة.
من بين الأدوات الخطيرة أيضًا، خدمات Initial Access Brokers (IABs) التي توفر للمجرمين السيبرانيين إمكانية شراء بيانات دخول مسروقة إلى شبكات الشركات. هذا يمكّنهم من التسلل بسهولة إلى الأنظمة المستهدفة دون الحاجة إلى البحث عن ثغرات أمنية بأنفسهم. على سبيل المثال، شهد عام 2024 ارتفاعًا بنسبة 15% في عمليات بيع بيانات وصول مخترقة على منصات الشبكة المظلمة.
للوقاية من هذه الهجمات، يجب تبني استراتيجيات متقدمة تعتمد على مبدأ التحصين الصفري (Zero Trust) الذي يفرض التحقق من هوية جميع المستخدمين والأجهزة قبل منحهم أي صلاحيات وصول. كذلك، يجب استخدام المصادقة الثنائية (2FA) لتعزيز أمان الحسابات الإلكترونية، بالإضافة إلى تحديث الأنظمة والتطبيقات باستمرار لسد الثغرات الأمنية التي قد يستغلها المهاجمون. يُنصح أيضًا بالاعتماد على برامج مكافحة الفيروسات المتقدمة، التي تتضمن خاصية اكتشاف التهديدات السلوكية، مما يساعد في الكشف عن النشاطات المشبوهة حتى قبل تنفيذ الهجوم.
تعزيز الوعي الأمني بين الأفراد والمؤسسات يُعدّ أيضًا جزءًا حيويًا من الدفاع ضد التهديدات السيبرانية. يجب تدريب الموظفين على كيفية التعرف على محاولات التصيد، وعدم الضغط على الروابط المشبوهة، والتحقق دائمًا من مصادر البريد الإلكتروني قبل إدخال أي بيانات حساسة. كما أن الاعتماد على حلول أمنية مثل أنظمة كشف التسلل (IDS) وأنظمة منع التسلل (IPS) يمكن أن يساعد في تحديد النشاطات المشبوهة وإيقاف الهجمات قبل أن تتسبب في أضرار كبيرة.
مع استمرار تطور الأدوات المستخدمة في الهجمات السيبرانية، أصبحت الهجمات أكثر تعقيدًا وتستهدف مجموعة واسعة من الأنظمة والبنى التحتية الرقمية. أحد أبرز الاتجاهات الحديثة هو استخدام الهجمات المستهدفة عبر سلاسل التوريد (Supply Chain Attacks)، حيث يقوم المهاجمون باختراق أنظمة الشركات الموردة أو الشريكة لاختراق المؤسسات الكبرى من خلالها. مثال على ذلك هو الهجوم الشهير الذي استهدف شركة SolarWinds، حيث تم زرع برمجية خبيثة في تحديثات برنامج إداري يستخدمه آلاف العملاء حول العالم، مما سمح للمتسللين باختراق الأنظمة دون أن يلاحظ المستخدمون ذلك.
كذلك، برزت الهجمات القائمة على الذكاء الاصطناعي (AI-Powered Attacks)، حيث بدأ المهاجمون في استخدام أدوات تعتمد على التعلم الآلي لتحليل سلوك المستخدمين وتطوير هجمات أكثر إقناعًا وفعالية. على سبيل المثال، تم تسجيل زيادة في الهجمات التي تستخدم Deepfake لإنشاء مقاطع صوتية أو فيديو مزيفة لخداع الموظفين التنفيذيين وجعلهم ينفذون تحويلات مالية أو يكشفون عن معلومات حساسة. هذه التقنية تعكس مدى تطور أساليب الهندسة الاجتماعية التي تعتمد الآن على الذكاء الاصطناعي لزيادة فعاليتها.
من الأدوات الأخرى التي شهدت انتشارًا واسعًا هجمات الاختراق عبر إنترنت الأشياء (IoT Attacks)، حيث يستغل القراصنة الثغرات في الأجهزة الذكية المتصلة بالإنترنت، مثل الكاميرات الأمنية وأجهزة التحكم الصناعي، لاختراق الشبكات الداخلية للمؤسسات. نظرًا لأن العديد من هذه الأجهزة لا تحتوي على تحديثات أمنية كافية، أصبحت تمثل نقطة دخول رئيسية للمهاجمين. مثال على ذلك، الهجوم الذي استهدف أنظمة التحكم في محطات الطاقة في بعض الدول عبر استغلال ثغرات في أجهزة SCADA، مما أدى إلى تعطيل العمليات التشغيلية وتسبب في خسائر كبيرة.
للحماية من هذه الأنواع من الهجمات، يجب تبني نهج دفاعي متعدد الطبقات (Defense-in-Depth)، والذي يعتمد على تطبيق عدة مستويات من الحماية لضمان أن فشل طبقة واحدة لا يؤدي إلى انهيار النظام بالكامل. من أهم هذه الطبقات استخدام تقنيات العزل الشبكي (Network Segmentation) لتقسيم الشبكات إلى أجزاء أصغر وأكثر تحكمًا، بحيث لا يتمكن المهاجم من الانتشار بسهولة في حالة نجاحه في اختراق جزء معين من الشبكة. كما أن تشفير البيانات بشكل فعال، سواء أثناء النقل أو أثناء التخزين، يعد إجراءً ضروريًا للحفاظ على سرية المعلومات حتى في حال وقوع اختراق.
علاوة على ذلك، يجب تعزيز آليات الاكتشاف والاستجابة الأمنية (Threat Detection & Response) من خلال نشر حلول XDR (Extended Detection & Response) التي تعتمد على تحليل البيانات من مصادر متعددة داخل الشبكة للكشف عن الأنشطة المشبوهة في مراحلها الأولى قبل أن تتحول إلى هجمات خطيرة. كما يمكن الاعتماد على حلول SOAR (Security Orchestration, Automation, and Response) التي تتيح أتمتة عمليات الاستجابة للحوادث، مما يقلل من الوقت اللازم لاتخاذ الإجراءات الدفاعية ويحد من الأضرار المحتملة.
لا يمكن إغفال دور العامل البشري في تحقيق الأمن السيبراني، حيث تشير الإحصاءات إلى أن نسبة كبيرة من الهجمات تبدأ نتيجة أخطاء بشرية، مثل استخدام كلمات مرور ضعيفة أو الوقوع في فخ رسائل التصيد الاحتيالي. لذلك، يجب أن تتبنى المؤسسات برامج تدريبية دورية لموظفيها لرفع مستوى الوعي بالمخاطر السيبرانية وتعليمهم كيفية التصرف عند مواجهة مواقف مشبوهة.
أحد الاتجاهات المستقبلية الواعدة في حماية الأنظمة من الهجمات هو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الدفاع السيبراني. حيث يمكن لأنظمة الأمن التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تحليل السلوك الطبيعي للمستخدمين والأجهزة داخل الشبكة، واكتشاف أي انحرافات قد تدل على وجود هجوم سيبراني. على سبيل المثال، إذا قام أحد الموظفين بمحاولة تنزيل كميات كبيرة من البيانات خارج ساعات العمل المعتادة، يمكن للنظام تلقائيًا وضع قيود على هذه العملية وإخطار فريق الأمن السيبراني للتحقيق فيها.
في الختام، أصبحت الأدوات المستخدمة في الهجمات السيبرانية أكثر تعقيدًا وتنوعًا، مما يجعل من الضروري تبني استراتيجيات وقائية شاملة تضمن حماية الأفراد والمؤسسات من المخاطر المتزايدة. من خلال الجمع بين التقنيات الحديثة، والتدريب المستمر، وتعزيز التعاون بين الجهات الأمنية، يمكن الحد من تأثير الهجمات السيبرانية وحماية البيانات والبنية التحتية الرقمية من التهديدات المستقبلية.
في النهاية، تبقى الهجمات السيبرانية في تطور مستمر، ما يستدعي تبني نهج ديناميكي في الدفاع السيبراني يعتمد على الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات الضخمة، والتعاون بين المؤسسات لمشاركة المعلومات حول أحدث التهديدات. من خلال هذه الإجراءات، يمكن للمؤسسات والأفراد تقليل مخاطر التعرض للاختراقات وتعزيز أمنهم السيبراني في مواجهة التحديات المستقبلية.