كيف نحمي الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح
كيف نحمي الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح؟
كتبت :رباب حرش
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح، وقد أغلقت إيران متاحفها ومواقع التراث الثقافي حتى إشعار آخر كما أمر المسؤولون بنقل قطع أثرية قيّمة من جميع أنحاء البلاد إلى مخازن آمنة، واتباع بروتوكولات الطوارىء وفقًا لتقارير إعلامية محلية.
تضم إيران أكثر من 800 متحف و 28 موقعًا للتراث العالمي المُدرج على قائمة اليونسكو. كما تمتلك مجموعات ضخمة تنتمي إلى عصور مختلفة، ويضم المتحف الوطني الإيراني في طهران أكثر من 300 ألف قطعة أثرية، بينما يضم متحف طهران للفن المعاصر مجموعة مهمة من روائع فنانين عالميين مثل بابلو بيكاسو، وفان جوخ وآندي وارهول وجاكسون بولوك قُدرت قيمتها عام 2018 بنحو 3 مليارات دولار.
وتضم محافظة فارس الجنوبية 3 مواقع مدرجة على قائمة اليونسكو بما في ذلك آثار برسبوليس القديمة عاصمة الإمبراطورية الأخمينية 518 قبل الميلاد، وفي أصفهان 3 مواقع باليونسكو وأكثر من 22 ألف مبنى تاريخي ونحو 600 منزل تاريخي
وأشار الدكتور ريحان إلى وجود آثار إسلامية وآثار مسيحية هامة بإيران ومن أشهر الآثار الإسلامية المشاهد وهى مدافن الشهداء ويطلق عليها فى إيران مرقد مثل مرقد الإمام الرضا في مدينة مشهد ومرقد الشاه عبد العظيم الحسني في مدينة الري ومقام النبي دانيال في دزفول في غرب إيران، ومسجد جمكران ومدفن فاطمة بنت موسى الكاظم في مدينة قم ومرقد مرتضى الكاظم ومرقد حمزة الكاظم في مدينة كاشمر، وهناك آثار مدنية مثل منزل أغا زاده فى أبركوه ينتمي إلى سيد حسن أبرقي الذي كان أحد الأغنياء في عصر القاجار علاوة على الآثار المسيحية مثل كنيسة “وانك” أكبر وأجمل كاتدرائية في جلفة في أصفهان إحدى الكاتدرائيات الأرمنية التاريخية في عهد الشاه عباس الثاني عام 1605 وتضم الكاتدرائية قبر ديفيد رئيس الأساقفة في ساحة الكاتدرائية ومتحف ومكتبة
ومن متاحف إيران الشهيرة متحف إيران الوطنى بطهران 1937م متحف أذربيجان أسس 1958 ومتحف السجاد فى إيران 1976 ومتحف الأنثروبولوجيا يعود إلى عام 1631م وأسس 1971م ومتحف عين الدولة فى طهران القرن 19م ومتحف قصر كلستان 1865 ومتحف البيت التاريخى فى تبريز 1870 و متحف همدان للتاريخ الطبيعي ومتحف قصر مرمر بطهران 1937 ومتحف قصر نياوران بطهران ومتحف قصر سعد آباد القرن 19م ومتحف طهران أسس عام 2009 وحديقة إرم فى شيراز القرن 11 إلى 14م وحديقة فين فى كاشان 1590 م ومتحف منزل عباسى فى كاشان نهاية القرن 18م
ونوه الدكتور ريحان إلى التدابير المطلوبة لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح وهذه الممتلكات طبقًا لاتفاقية لاهاى 1954 هى الممتلكات المنقولة أو الثابتة كالمباني المعمارية أو الفنية والأماكن الأثرية والتحف الفنية والمخطوطات والكتب والأشياء الأخرى ذات القيمة الفنية التاريخية والأثرية والمجموعات العلمية ومجموعات الكتب الهامة والمحفوظات والمباني المخصصة بصفة رئيسية وفعلية لحماية وعرض الممتلكات الثقافية المنقولة كالمتاحف ودور الكتب الكبرى ومخازن المحفوظات وكذلك المخابئ المعدة لوقاية الممتلكات الثقافية المنقولة في حالة نزاع مسلح
وتتمثل هذه التدابير فى إنشاء نماذج رقمية ثلاثية الأبعاد بتقنية فوتو سكان للقطع الأثرية وذلك لإنشاء قاعدة بيانات رقمية يمكن الرجوع إليها أوقات الكوارث والأزمات لاسيما فى أوقات النزاع المسلح بما يتيح التعرف عليها بسهولة من خلال نسيجها ومكوناتها وعناصرها وإعداد مخابىء خاصة محمية بكل الوسائل لحفظ القطع الأثرية أثناء النزاع المسلح ويجوز وفقًا لأحكام المادة ” 6 ” من إتفاقية لاهاى 1954 وضع شعار مميز على الممتلكات الثقافية لتسهيل التعرف عليها لعدم قصفها
وتابع الدكتور ريحان بأنه يجوز اتخاذ تدابير عسكرية وفقًا للمادة 7 من اتفاقية لاهاى حيث تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تقوم منذ وقت السلم بإعداد أقسام أو أخصائيين أو بإلحاقهم في صفوف قواتها المسلحة وتكون مهمتهم السهر على احترام الممتلكات الثقافية ومعاونة السلطات المدنية المسؤولة عن حماية هذه الممتلكات
وطبقًا للمادة 23 من الاتفاقية يجوز للأطراف السامية المتعاقدة طلب المعونة التقنية من اليونسكو لتنظيم وسائل حماية ممتلكاتها الثقافية أو بشأن أية مشكلة أخرى ناجمة عن تطبيق هذه الاتفاقية أو لائحتها التنفيذية. وتمنح المنظمة معونتها في حدود برنامجها وإمكانياتها، و للمنظمة أن تقدم للأطراف السامية المتعاقدة من تلقاء نفسها أية اقتراحات في هذا الشأن.
ولفت الدكتور ريحان إلى “الحماية المعززة” كما جاءت فى البروتوكول الثاني في الجلسة الختامية لأعمال المؤتمر الدبلوماسي المنعقد في مدينة لاهاي في 26 مارس 1999 بهدف توفير الحماية الدولية المنشودة للممتلكات الثقافية
ويشترط البروتوكول الثاني توافر عدد من الشروط من أجل وضع أي ممتلك ثقافي تحت نظام الحماية المعززة، كأن تكون هذه الممتلكات محمية بتدابير قانونية وإدارية مناسبة على الصعيد الوطني وألا تستخدم لأغراض عسكرية أو كدرع لوقاية مواقع عسكرية ويجوز إدراج الممتلكات الثقافية بشكل استثنائي، على قائمة الحماية المعززة إذا ما تبين للجنة حماية الممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح بأن الطرف الطالب إدراجها على القائمة لا يستطيع الوفاء بالشروط القانونية والإدارية المناسبة على الصعيد الوطني المنصوص عليها في الاتفاقية.
تتمتع الممتلكات الثقافية بالحماية المعززة فور صدور قرار بإدراجها على القائمة بواسطة لجنة حماية الممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح، وعليه تلتزم الدول الأطراف حال دخولها في نزاع مسلح ما بالامتناع عن استهداف الممتلكات الثقافية المشمولة بحماية معززة سواء بالهجوم عليها أو استخدامها أو الاستعانة بمناطق مجاورة لها مباشرةً في دعم العمل العسكري
وتم تحديد الأعمال التي تعد انتهاكًا خطيرًا لاتفاقية لاهاي (1954) وبروتوكولها الثاني حيث اعتبر أن ارتكاب شخص ما عن عمد لأي فعل من الأفعال الواردة في البروتوكول يشكل جريمة وتتمثل هذه الأفعال في استهداف ممتلكات ثقافية مشمولة بحماية معززة بالهجوم أو استخدامها أو جوارها المباشر في دعم العمل العسكري أو إلحاق دمار واسع النطاق بها أو الاستيلاء عليها أو ارتكاب سرقة أو نهب أو اختلاس أو تخريب لها.
واختتم الدكتور ريحان بأن اتفاقية لاهاى 1954 وقد صادقت إيران على الاتفاقية عام 1959 تكفل حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح حيث تصت المادة 4 من الاتفاقية تحت عنوان “احترام الممتلكات الثقافية” على الآتى
تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بتحريم أي سرقة أو نهب أو تبديد للممتلكات الثقافية ووقايتها من هذه الأعمال ووقفها عند اللزوم مهما كانت أساليبها، وبالمثل تحريم أي عمل تخريبي موجه ضد هذه الممتلكات، كما تتعهد بعدم الاستيلاء على ممتلكات ثقافية منقولة كائنة في أراضي أي طرف سام متعاقد آخر، كما تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بالامتناع عن أية تدابير انتقامية تمس الممتلكات الثقافية
ويراقب كل هذا المنظمات المعنية بالتراث، “اليونسكو” منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، “الألكسو” المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، “الإيسيسكو” منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة، ويحق لها التدخل للاضلاع بمسئوليتها عن حماية التراث الحضارى