الاستاذ الدكتور أحمد بن سميط البدوي: محاضرة تنير تقاطعات الأخلاق والعالم المعقّد
الاستاذ الدكتور أحمد بن سميط البدوي: محاضرة تنير تقاطعات الأخلاق والعالم المعقّد
كتب ا. د. وائل بدوى
في إطار جلسات المؤتمر الدولي للكرسي العالمي لليونسكو في أخلاقيات البيولوجيا، قدّم الدكتور أحمد بن سميط البدوي، أستاذ الأخلاقيات الحيوية بجامعة السلطان قابوس وسكرتير اللجنة الوطنية لأخلاقيات البيولوجيا في سلطنة عُمان، محاضرة فكرية رفيعة المستوى حملت عنوانًا عميق الدلالة:
“التنقل في مفترقات الأخلاق: التحديات والفرص أمام اللجان الوطنية لأخلاقيات البيولوجيا في عالم معقّد”.
من موقعه أيضًا كنائب رئيس اللجنة الحكومية الدولية لأخلاقيات البيولوجيا (IGBC) بمنظمة اليونسكو، جاء حديث الدكتور البدوي جامعًا بين الخبرة العلمية، والدبلوماسية الأخلاقية، والرؤية العالمية، ليضيء واحدة من أكثر القضايا الاستراتيجية في زمننا: كيف يمكن للجان الوطنية لأخلاقيات البيولوجيا أن تمارس دورها الحيوي في مجتمعات تتغير سريعًا، وتواجه تحديات تكنولوجية وثقافية متشابكة؟
تطرّق في محاضرته إلى المهام المتعددة التي تضطلع بها هذه اللجان، مثل تقديم الاستشارات للدولة، إرساء مبادئ العدالة والكرامة في التشريعات الصحية، وتوجيه البحث العلمي نحو مسارات تحترم الإنسان أولًا. لكنه في ذات الوقت لم يغفل التحديات الكبرى التي تعترض هذه الجهود، مثل تضارب المصالح، الضغوط السياسية والاقتصادية، والافتقار أحيانًا إلى الوعي المجتمعي الكافي بأهمية الأخلاقيات في صنع القرار العلمي.
أبرز ما شدّد عليه الدكتور أحمد بن سميط هو أهمية استقلالية هذه اللجان، وتنوع تركيبتها لتشمل الأصوات العلمية، القانونية، الدينية، والمجتمعية، مشيرًا إلى أن النجاح في “التنقل في مفترقات الأخلاق” لا يتحقق فقط بالمعرفة، بل بالحكمة والقدرة على بناء التوافق في بيئات متعددة الأبعاد.
كما استعرض تجارب من سلطنة عُمان والمنطقة العربية، مشيرًا إلى النجاحات التي تحققت على صعيد تأسيس بنى مؤسسية أخلاقية رصينة، دون أن يتجاهل الحاجة المستمرة للتطوير والانفتاح على التجارب الدولية، خاصة في ظل تحديات مثل البيانات الجينية، الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا الإنجاب.
لقد جاءت المحاضرة بمثابة خارطة طريق فكرية وعملية للجان الأخلاقيات، حيث بيّن الدكتور البدوي كيف يمكن تحويل التحديات إلى فرص، والتعدد إلى قوة، في سبيل بناء سياسات علمية عادلة ومتوازنة تحترم الإنسان في جوهره.
وفي ختام محاضرته، وجّه شكره إلى الكرسي العالمي لليونسكو في أخلاقيات البيولوجيا، مثمنًا هذه المنصة التي جمعت الخبرات العالمية، وأعادت الاعتبار لصوت الأخلاقيات في زمن تسوده الضغوط والاختراقات الرقمية والعلمية.
لقد كانت محاضرة الدكتور أحمد بن سميط البدوي أكثر من عرض علمي؛ كانت دعوة إلى تجديد دور لجان الأخلاقيات بوصفها ضميرًا مؤسسيًا حيويًا، يحتاجه العالم أكثر من أي وقت مضى.
