تحقيقات و تقاريراقتصادتكنولوجيا

كندا: ارتفاع معدل البطالة إلى 6,7% في مارس مع فقدان 33 ألف وظيفة

كندا: ارتفاع معدل البطالة إلى 6,7% في مارس مع فقدان 33 ألف وظيفة

كتب ا. د. وائل بدوى

شهد الاقتصاد الكندي في مارس 2025 تراجعًا ملحوظًا بفقدان 33,000 وظيفة، مما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 6.7% مقارنة بـ6.6% في فبراير.

في تحوّل مفاجئ يشير إلى تباطؤ سوق العمل الكندية، أعلنت وكالة الإحصاء الكندية أن الاقتصاد فقد 33,000 وظيفة في شهر آذار (مارس) 2025، ما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة في البلاد بمقدار 0,1 نقطة مئوية، ليصل إلى 6,7% بعد أن كان 6,6% في شباط (فبراير).

ويُعدّ هذا أول انخفاض شهري في عدد الوظائف منذ يناير 2022، ويأتي في وقت تزداد فيه حالة عدم اليقين الاقتصادي، لا سيما بسبب تأثير الرسوم الجمركية الأميركية التي تهدد النشاط الاقتصادي الكندي. ويبدو أن هذه المعطيات أضعفت بعض المكاسب التي حققها الاقتصاد في نهاية عام 2024 وبداية هذا العام.

ومع أن هذا الانخفاض يبدو كبيراً على المستوى الوطني، إلا أن التوزيع الإقليمي يكشف تفاوتاً كبيراً بين المقاطعات، ما بين خسائر مؤلمة ومكاسب متواضعة.

تصدّرت أونتاريو قائمة المقاطعات الأكثر تأثراً، حيث فقدت نحو 27,500 وظيفة، ما يعادل انخفاضاً بنسبة 0.3% في إجمالي التوظيف. تلتها ألبرتا بخسارة قدرها 15,400 وظيفة (-0.6%)، وهو ما يعكس ضعفاً في القطاعات الاقتصادية الحساسة مثل الطاقة والتصنيع. كذلك، سجلت كيبيك ومانيتوبا خسائر طفيفة بنحو 4,900 و1,100 وظيفة على التوالي.

في المقابل، كانت ساسكاتشوان صاحبة الأداء الأفضل، حيث أضافت 6,600 وظيفة جديدة، أي زيادة بنسبة 1.1%، وهي الأعلى بين جميع المقاطعات. كما سجّلت بريتيش كولومبيا مكاسب ملحوظة بنحو 5,700 وظيفة، تلتها نوفا سكوشا بحوالي 2,000 وظيفة جديدة.

أظهرت المقاطعات الأطلسية (نيوفاوندلاند، جزيرة الأمير إدوارد، نوفا سكوشا، ونيو برونزويك) أداءً متماسكاً إلى حد كبير. فقد أضافت نيوفاوندلاند ولابرادور حوالي 1,600 وظيفة (+0.7%)، فيما كانت التغييرات في المقاطعات الأخرى طفيفة للغاية، تدل على استقرار نسبي في سوق العمل.

تعكس الخريطة التوضيحية المُرفقة (أعلاه) التغيرات في التوظيف حسب المقاطعة، حيث تم استخدام الأحمر لتمثيل المقاطعات التي فقدت وظائف، والأخضر لتلك التي حققت مكاسب. وقد تم أيضاً وضع القيم الرقمية لكل مقاطعة من حيث عدد الوظائف المفقودة أو المكتسبة، إضافة إلى نسبة التغير.

تأتي هذه البيانات في وقت حرج للاقتصاد الكندي، حيث تتطلب التطورات مراقبة دقيقة واستجابة سريعة من صانعي السياسات للتخفيف من التأثيرات السلبية المحتملة على العمال والشركات.

وقال جيمس أورلاندو، كبير خبراء الاقتصاد في مصرف “تورونتو دومينيون” (TD Bank)، إن الأرقام الأخيرة لسوق العمل تعكس المخاوف من عدم اليقين السياسي والاقتصادي، موضحاً في مذكرة أرسلها إلى عملاء المصرف أن “الشركات والمستهلكين باتوا أكثر تردداً، وهذا ينعكس مباشرة على قرارات التوظيف، خصوصاً في القطاع الخاص الحساس للدورات الاقتصادية”.

وبحسب التقرير، كانت الخسائر في سوق العمل تتركز أساساً في الوظائف بدوام كامل، حيث تم فقدان 62,000 وظيفة من هذا النوع، في حين تم تعويض جزء بسيط منها عبر خلق وظائف بدوام جزئي. وقد تضررت مقاطعتا أونتاريو وألبرتا بشكل خاص، حيث فقدت الأولى 28,000 وظيفة والثانية 15,000 وظيفة. بالمقابل، شهدت ساسكاتشوان زيادة في عدد الوظائف بلغت 6,600 وظيفة، بينما ظلت بقية المقاطعات دون تغييرات تُذكر.

وعلى مستوى المقاطعات، أظهرت البيانات أن معدل البطالة لا يزال مرتفعاً في نيوفاوندلاند ولابرادور بنسبة 10% رغم انخفاضه مقارنة بالشهر السابق. في المقابل، سجلت ساسكاتشوان أدنى معدل بطالة عند 4,9%. كما سجلت كيبيك نسبة 5,7%، وأونتاريو 7,5%، وألبرتا 7,1%، ما يعكس تفاوتاً ملحوظاً بين الأقاليم الكندية في تأثرها بالركود الوظيفي.

أما من حيث الأجور، فقد شهد معدل الأجر في الساعة ارتفاعاً بنسبة 3,6% على أساس سنوي، أي بزيادة قدرها 1,24 دولاراً ليبلغ 36,05 دولاراً، وهو ما يمثل تباطؤاً طفيفاً مقارنة بزيادة 3,8% التي سُجّلت في فبراير.

يُعزى هذا التراجع جزئيًا إلى الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة على الواردات الكندية، مما أدى إلى حالة من عدم اليقين أثرت على قرارات التوظيف والاستثمار.

مع استمرار التوترات التجارية، يتوقع المحللون استمرار الضغوط على سوق العمل الكندي، مما قد يدفع بنك كندا إلى النظر في تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد.

تأتي هذه البيانات لتؤكد أن الاقتصاد الكندي يمرّ بمرحلة دقيقة، وأن الآثار الخارجية، لاسيما السياسات التجارية الأميركية، باتت تلقي بظلالها على سوق العمل، مما يدفع بالمحللين إلى مراقبة تطورات الأشهر المقبلة عن كثب لمعرفة ما إذا كانت هذه المؤشرات تشكل بداية لانكماش أوسع، أم أنها مجرد تعثّر مؤقت في مسار التعافي الاقتصادي.

تم نسخ الرابط بنجاح!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى