الاستاذ الدكتور / سمر كمال قاسم… عندما يتحدث العلم مصرى بلغة القيم من قلب إفريقيا
الاستاذ الدكتور / سمر كمال قاسم… عندما يتحدث العلم مصرى بلغة القيم من قلب إفريقيا
كتب ا. د. وائل بدوى
ضمن أعمال المؤتمر الدولي للكرسي العالمي لليونسكو في أخلاقيات البيولوجيا، أبهرت البروفيسورة سمر كمال قاسم الحضور بمحاضرة فريدة ومؤثرة حملت عنوانًا بالغ الأهمية: “الذكاء الاصطناعي والاعتبارات الأخلاقية في إفريقيا”. لم تكن هذه المحاضرة مجرد عرض أكاديمي تقني، بل كانت نداءً إنسانيًا وعلميًا أصيلًا أطلقته من موقعها كعالمة ومربية وقيادية في أكثر من ميدان علمي دقيق.
بصفتها أستاذة متقاعد في الكيمياء الحيوية الطبية وعلم الأحياء الجزيئي، ورئيسة وحدة البيولوجيا الحاسوبية بمعهد المصرى جامعه عين شمس، وقائدة بوابة الطب الدقيق الإفريقية في مشروع ADGH، ورئيسة الشبكة الوطنية للمعلوماتية الحيوية “BioNetMasr”، استطاعت أن تجمع في خطابها بين الرؤية التقنية الدقيقة، والخبرة الواسعة، والبُعد الإنساني العميق.
تناولت المحاضرة بإحاطة شاملة التحديات الأخلاقية المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في إفريقيا، حيث يُطرح السؤال الملحّ: كيف يمكننا استخدام هذه التقنيات الثورية لصالح الشعوب الإفريقية دون تكرار أنماط الهيمنة الرقمية أو الاستغلال البيولوجي؟
تحدثت بجرأة عن الفجوة التكنولوجية التي تُهدد بتعميق التفاوت بين الشمال والجنوب، وعن ضرورة وضع أطر أخلاقية تُراعي الخصوصيات الثقافية، وتمنع الانتهاكات الجينية أو التحيّزات الخوارزمية التي قد تنتج عنها آثار اجتماعية كارثية.
لقد ألقت الضوء على الأهمية الحيوية للبيانات الإفريقية، لا كـ “موارد خام” للشركات العالمية، بل كأصول إنسانية يجب حمايتها، وتنظيم استخدامها بما يخدم رفاهية السكان المحليين ويعزز من استقلالية القرار العلمي في القارة. كما أكدت أن إفريقيا لا يجب أن تكون مجرد مستقبل للتقنيات بل صانعة لها، ومُشاركة فعلية في تطوير أخلاقيات استخدامها.
كانت البروفيسورة سمر نموذجًا حقيقيًا للعالِمة التي تجمع بين الدقة الأكاديمية والوعي الحضاري، وقد شكّلت محاضرتها لحظة استثنائية في المؤتمر، لأنها فتحت بابًا حقيقيًا لنقاش عالمي حول العدالة التقنية، وحق الشعوب الإفريقية في تقرير مصيرها الرقمي والعلمي، في زمن بات فيه الذكاء الاصطناعي يمس كل تفاصيل الحياة.
وفي ختام مداخلتها، وجّهت شكرها إلى الكرسي العالمي لليونسكو في أخلاقيات البيولوجيا، مشيدة بدوره في تمكين الأصوات الإفريقية والعربية في النقاش العالمي حول أخلاقيات العلم والتكنولوجيا، وداعية إلى استمرار مثل هذه المبادرات التي تُعيد صياغة العلاقة بين العلم والعدالة.
لقد أكدت البروفيسورة سمر، من خلال هذه المحاضرة، أن العلم إذا ما اقترن بالأخلاق والانتماء، يصبح قوة تحرير حقيقية… لا مجرد أداة معرفة.
