تكنولوجيا

الأسواق الآسيوية تتراجع بشدة وسط تصاعد التوترات التجارية: خسائر تاريخية ومخاوف من ركود عالمي

الأسواق الآسيوية تتراجع بشدة وسط تصاعد التوترات التجارية: خسائر تاريخية ومخاوف من ركود عالمي

كتب ا. د. وائل بدوى

في يوم الإثنين 7 أبريل 2025، استيقظت الأسواق المالية الآسيوية على موجة عنيفة من التراجعات الحادة التي طالت معظم البورصات الكبرى، وذلك في ظل تزايد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، خاصة بعد قرار الإدارة الأمريكية بفرض رسوم جمركية شاملة على وارداتها. هذه الخطوة أشعلت فتيل المخاوف من اندلاع حرب تجارية جديدة قد تعصف بالنمو العالمي وتؤثر سلبًا على سلاسل التوريد والإنتاج في آسيا والعالم.

مؤشر نيكاي 225 الياباني، الذي يُعد من أهم المؤشرات في آسيا، شهد تراجعًا بنسبة 7.8%، مسجلاً أدنى مستوى له منذ أكثر من 18 شهرًا. هذا التراجع يأتي في وقت تواجه فيه اليابان تباطؤًا في الصادرات وضعفًا في الإنفاق المحلي، ما زاد من هشاشة الأسواق.

أما مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ، فقد سجل انخفاضًا تاريخيًا بنسبة 13.2%، وهو أكبر تراجع يومي منذ الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997. المستثمرون في هونغ كونغ أبدوا حالة من الذعر الجماعي، حيث شهدت الأسواق موجة بيع واسعة للأسهم القيادية في قطاعات التكنولوجيا والعقارات والخدمات المالية.

في الصين، مؤشر شنغهاي المركب انخفض بنسبة 7.3%، حيث تتزايد المخاوف بشأن تأثير الرسوم الأمريكية على الصادرات الصينية، والتي تُعد العمود الفقري للاقتصاد الصيني. التراجع تزامن أيضًا مع بيانات ضعيفة عن قطاع التصنيع، مما زاد الضغط على الأسواق.

أما مؤشر كوسبي الكوري الجنوبي، فتراجع بنسبة 5.6% نتيجة لتأثر أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل “سامسونغ” و”إس كيه هاينكس”، التي تعتمد بشكل كبير على التجارة مع الولايات المتحدة والصين.

وفي تايوان، سجل مؤشر تايكس انخفاضًا كارثيًا بنسبة 9.7%، وهو أسوأ أداء يومي له على الإطلاق، وسط تراجع حاد في أسهم أشباه الموصلات وتكنولوجيا الاتصالات.

السبب الرئيسي لهذا التراجع هو إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مساء الجمعة عن فرض رسوم جمركية جديدة شاملة على جميع الواردات الأجنبية بنسبة 10%، بما فيها المنتجات الإلكترونية والسيارات والمعادن. وقد فسّر المحللون هذه الخطوة بأنها محاولة أمريكية لتقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الإنتاج المحلي، لكنها جاءت في توقيت حساس يشهد فيه العالم تباطؤًا اقتصاديًا واضحًا.

هذا القرار أثار ردود فعل غاضبة من عدد من الدول، منها الصين والاتحاد الأوروبي، الذين هددوا باتخاذ إجراءات مماثلة. ويرى مراقبون أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى حرب تجارية شاملة على غرار ما حدث في 2018–2019، مما سيؤثر على النمو العالمي ويزيد من مخاطر الركود في الاقتصادات الناشئة والمتقدمة على حد سواء.

تتجه أنظار المستثمرين الآن إلى ما ستؤول إليه الأمور خلال الأيام المقبلة، خصوصًا مع انتظار ردود الفعل الرسمية من الحكومات الآسيوية والبنك المركزي الصيني والياباني. ومن المرجح أن تضطر البنوك المركزية إلى التدخل عبر خفض أسعار الفائدة أو تقديم حزم تحفيزية للحد من آثار الصدمة.

كما يسود اعتقاد بين المحللين بأن صناديق التحوط وصناديق المؤشرات بدأت فعليًا في إعادة هيكلة محافظها الاستثمارية، واللجوء إلى الأصول الآمنة مثل الذهب والسندات الأمريكية طويلة الأجل، التي شهدت بدورها ارتفاعًا في الأسعار.

لا تقتصر تبعات هذا التراجع على آسيا فقط، بل قد تمتد إلى الأسواق العربية والمصرية نتيجة للعلاقات التجارية مع الصين واليابان، وخاصة في مجالات الإلكترونيات والسلع الوسيطة. كذلك، فإن أي تباطؤ عالمي في النمو سينعكس على أسعار النفط، وبالتالي على موازنات الدول الخليجية ومعدلات تحويلات العاملين بالخارج.

تشير هذه التراجعات الحادة في الأسواق الآسيوية إلى مرحلة حرجة من عدم اليقين الاقتصادي العالمي. وإذا لم يتم احتواء التوترات التجارية الحالية، فقد نشهد خلال الأشهر المقبلة مزيدًا من التدهور في مؤشرات الأسواق العالمية، وربما نشوء موجة ركود عالمية جديدة. وعليه، فإن التحركات السياسية والاقتصادية المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل الأسواق المالية ومصير الاقتصاد العالمي في عام 2025.

 

تنويه – الصورة توضح خسائر أبرز مؤشرات الأسواق الآسيوية يوم 7 أبريل 2025، حيث سجل مؤشر “هانغ سنغ” في هونغ كونغ أكبر تراجع بنسبة 13.2%، يليه مؤشر “تايكس” في تايوان و”نيكاي 225” في اليابان. تُبرز هذه البيانات حجم التأثر السلبي بالتصعيد التجاري العالمي.

 

تم نسخ الرابط بنجاح!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى