ا. د. دينا شكري… مسؤولية الطب بين القانون والضمير

ا. د. دينا شكري… مسؤولية الطب بين القانون والضمير
كتب ا. د. وائل بدوى
في إحدى أبرز جلسات المؤتمر الدولي للكرسي العالمي لليونسكو في أخلاقيات البيولوجيا، ألقت الأستاذة الدكتورة دينا شكري، أستاذ الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية بكلية الطب – جامعة القاهرة، ورئيسة قسم الطب الشرعي بجامعة MTI، ورئيسة اللجنة المركزية للأخلاقيات البحثية بالمجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية، محاضرة غاية في الأهمية بعنوان:
“المسؤولية الطبية والقانون الطبي في تعليم وتدريب الأطباء”.
في حديثها، كشفت الدكتورة شكري عن عمق الفجوة بين التكوين العلمي للطبيب والمجالات التي يتقاطع فيها عمله مع القانون والأخلاق، مشيرةً إلى أن الممارسة الطبية لا تتوقف عند حدود التشخيص والعلاج، بل تمتد إلى مسؤوليات قانونية ومجتمعية لا بد أن يكون الطبيب مهيئًا للتعامل معها منذ سنوات دراسته الأولى.
أوضحت أن كثيرًا من الأطباء الشباب يدخلون ميادين العمل دون إدراك كافٍ لما تعنيه المسؤولية الطبية، ودون وعي واضح بعناصر “القانون الطبي” التي تحكم العلاقة بين الطبيب والمريض، وبين الطبيب والنظام الصحي. وهو ما يؤدي – في بعض الحالات – إلى أخطاء مهنية وقانونية لا تنتج عن سوء النية، بل عن نقص التدريب والتأهيل.
ركزت الدكتورة شكري على أهمية دمج هذه المفاهيم ضمن المناهج الطبية، ليس كمواد إضافية أو نظرية، بل كجزء أصيل من تكوين الطبيب، يُنقَل عبر التجربة والسرد الواقعي والنقاش المفتوح، لا من خلال المحاضرات الجافة أو القوانين الصماء.
كما ناقشت بوضوح التحديات التي تواجه لجان الأخلاقيات في المستشفيات الجامعية، لا سيما في ظل تزايد الضغوط على القطاع الصحي، والتطور المستمر في أساليب التشخيص والعلاج، والذي يطرح تساؤلات جديدة تتعلق بموافقة المريض، والسرية، وحدود المسؤولية المهنية.
ولم تغفل في محاضرتها الإشارة إلى حالات الطب الشرعي التي تقف عند مفترق بين العدالة والطب، والتي تتطلب فهماً دقيقًا للبعد القانوني والإنساني في آنٍ واحد. مشددة على أن الطبيب – أيًا كان تخصصه – يجب أن يكون قادرًا على الدفاع عن قراراته ليس فقط طبيًا، بل أخلاقيًا وقانونيًا.
وقد حظيت محاضرة الدكتورة دينا شكري بتفاعل واسع، لما تميزت به من وضوح في الطرح، واقعية في الأمثلة، وجرأة في فتح الملفات المسكوت عنها في التعليم الطبي.
وفي ختام كلمتها، شكرت الكرسي العالمي لليونسكو في أخلاقيات البيولوجيا على إتاحته هذه المنصة الرفيعة للنقاش، معتبرةً أن هذه الحوارات ليست ترفًا أكاديميًا، بل ضرورة لبناء جيل طبي أكثر وعيًا، إنصافًا، ومسؤولية.
لقد قدّمت الأستاذة الدكتورة دينا شكري في محاضرتها درسًا حيًا في الربط بين المعرفة والمسؤولية، بين التكوين العلمي والبعد الإنساني، لتؤكد أن الطبيب الذي لا يعرف القانون، قد يُمارس العلم… لكنه قد يخطئ في العدل.