آراء حرهسياحة داخليةسياحة عالميةسياحة وطيران

من الضياع إلى الخلود: كيف نحول فقدان الأسورة الفرعونية لقصة خالدة؟

كتبت…بسمة حسن

أثار خبر اختفاء إحدى الأساور الفرعونية النادرة التابعة للملك “أمنموبى” (Amenemope) من مقتنيات المتحف المصري صدمة كبيرة في الأوساط الأثرية والثقافية، ليس فقط على المستوى المحلي، بل على مستوى عالمي، حيث تناقلت وكالات الأنباء خبر فقدان القطعة الأثرية التي يعود تاريخها إلى أكثر من 3,000 عام، وسط تساؤلات عديدة حول كيفية حدوث الواقعة ومستوى التأمين داخل المتاحف.

في الوقت الذي انشغل فيه الكثيرون بالجدل حول الحادثة وأبعادها الأمنية، برزت فكرة مختلفة تمامًا، لا تنكر الخسارة، لكنها تحاول أن تُحوّل هذه “المحنة” إلى “منحة”، من خلال استثمار ما حدث وتحويله إلى مشروع ثقافي-تجاري يعيد للأثر روحَه وإن غابت مادته.

القطعة المفقودة.. وأهميتها التاريخية

الأسورة المفقودة كانت جزءًا من زوج متماثل من الحُلي، يعود لعهد الملك “أمنموبى”، أحد ملوك الأسرة الحادية والعشرين، من فترة تُعرف بـ “العصر المتأخر” في الحضارة المصرية القديمة. كانت مصنوعة من الذهب الخالص، ومطعّمة بحجر اللازورد (Lapis Lazuli)، المعروف بلونه الأزرق العميق الذي كان محببًا لدى المصريين القدماء.

فقدان قطعة كهذه لا يمثل مجرد خسارة مادية، بل هو انقطاع في سلسلة التواصل الحضاري، فكل أثر يحمل بين طياته قصة عن حقبة، وإنسان، وثقافة.

الفكرة الجديدة: من “ضياع الأثر” إلى “إحياء الرمزية”

في ظل هذا المشهد الحزين، جاءت مبادرة مختلفة تدعو إلى التفكير من منظور غير تقليدي. تقترح المبادرة إعادة تصميم الأسورة المفقودة بصيغة مستنسخة طبق الأصل، باستخدام خامات مشابهة – مثل النحاس المطلي بالذهب، وأحجار اللازورد – لتُباع كهدايا تذكارية بأسعار رمزية، لا بهدف الربح، بل بهدف تحويل الضجة العالمية إلى رسالة إيجابية.

تسعى الفكرة إلى أن تصبح الأسورة، رغم فقدانها، رمزًا فرعونيًا خالدًا، يمكن لأي شخص اقتناؤه، لتبقى ذكراها حيّة، وليست مجرد عنوان خبر في وكالة أنباء

تتمثل أهداف المشروع في:

نشر الوعي الثقافي بأهمية الحفاظ على التراث.

توصيل رسالة قوية مفادها أن “الروح لا تفنى”، حتى وإن ضاعت الماديات.

استغلال الانتشار الإعلامي الواسع الذي رافق الواقعة لتسويق الفكرة عالميًا.

تخصيص عائدات بيع المستنسخات لدعم أنظمة الحماية الإلكترونية والفيزيائية داخل المتاحف المصرية، ما يضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث.

المبادرة، رغم بساطتها، تحمل طابعًا رمزيًا بالغ الأهمية. هي دعوة للتفكير خارج الصندوق، ولتحويل “الأزمة” إلى “فرصة” تعكس براعة المصري في إعادة تشكيل مصيره.

هي أيضًا نداء للجهات الرسمية، كوزارة السياحة والآثار، وهيئة تنشيط السياحة، والمؤسسات الثقافية، لدعم مثل هذه الأفكار، سواء بالتبني الرسمي أو التسهيل اللوجستي، لتكون مصر قادرة ليس فقط على الحفاظ على آثارها، بل أيضًا على سرد حكاياتها بطرق حديثة ومبتكرة.

ورغم أن الأسورة الأصلية قد “ساحت بلا عودة”، كما وصفت بعض التقارير، إلا أن روحها، وما تمثله من جمال ودقة وصناعة فرعونية فريدة، لا تزال قادرة على الإلهام. وربما، تكون هذه المبادرة بداية لحركة جديدة ترى في كل خسارة أثرية فرصة لإعادة رواية التاريخ، لا البكاء عليه.

تم نسخ الرابط بنجاح!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى