صدام الميكروفون: من ربح معركة الأهرامات؟ زاهي حواس أم جو روجان؟

بقلم:.. علاء خليفة خبير التسويق السياحى الدولى والمحاضر الدولى لاكثر من ٢٩ جامعة حول العالم
كنتُ في البداية لا أنوي التعليق علي هذا الموضوع ، حتى لا أبدو منحازًا لطرف على حساب آخر.
لكنّي قررت أخيرًا أن أتناول الحوار بين الدكتور زاهي حواس وجو روجان من زاوية تحليلية أعمق، احاول من خلالها تفكيك ما جرى بهدوء، بعيدًا عن صخب “من كان على صواب ومن كان مخطئًا”.
أولًا: ملخص ما حدث:
استضاف بودكاست Joe Rogan Experience المحترم عالم الآثار المصري المعروف الدكتور زاهي حواس، في حلقة امتدت لساعتين ونصف، تحدّثا خلالها عن الأهرامات، وأبو الهول، وكواليس أعمال التنقيب في وادي الملوك.
اشتعل الحوار عندما بدأ روجان يطرح موضوعات مثيرة للجدل، مثل “هل بناها الفضائيون؟” و”الممرات السرّية تحت الهضبة”.
من هنا، ارتفعت نبرة الحوار، وتداخلت المقاطعات، حتى انتهى اللقاء بانطباع أن الطرفين يتحدثان لغتين مختلفتين، وبدت الحلقة كواحدة من أسوأ اللقاءات.
ثانيًا: ديناميكية الحوار:
١. لغة جسد :
ظهر الدكتور حواس واثقًا إلى حد اعتبره البعض غرورًا، وكان يميل غالبًا إلى تحويل كل سؤال إلى الحديث عن نفسه، ما أعطى انطباعًا بالتكبر ورفض الاستماع.
٢. روجان والاستفزاز المقصود:
جو روجان معروف باستخدام “نظريات المؤامرة” كوسيلة لجذب المشاهدات. فحاول استدراج حواس للحديث عن حضارة أطلانتس والفضائيين لإشعال الحلقة.
٣. غياب الأدلة البصرية:
لم تُعرض صور أو خرائط أو توثيق بصري داعم. وبالتالي بدا الحوار صدامًا صوتيًا بلا مرجعية واضحة للجمهور.
ثالثًا: ردود الأفعال
في مصر:
البعض رأى أن حواس دافع عن الحضارة باستماتة، والبعض الآخر اعتبره خسر المعركة، لأن مظهره كان انفعاليًا وفاقدًا للتركيز.
عالميًا:
جو روجان نفسه صرّح بعد أسبوع بأن “هذه أسوأ حلقة في تاريخه”، مما زاد الجدل وفتح موجة تساؤلات عالمية: Who really built the pyramids?
رابعًا: من كسب ومن خسر؟
د. زاهي حواس
المكاسب:
• انتشر اسمه عالميًا وزادت مبيعات كتبه بشكل ملحوظ.
الخسائر:
1. تم وصفه بالتحجر والتعالي.
2. قيامه بالتدخين وتدخينه السيجار بالتحديد أثناء الحوار أرسل رسالة سلبية عن صفه التعالي والتشتّت.
3. تكرار إحالة الأسئلة المطروحه إلى الرجوع علي “الكتاب المولف ” أو “المرجع العلمي الفلاني” دون إجابة واضحه ومباشرة اعتُبر تهرّبًا من قبل البعض.
4. اعتماده على الكاريزما ورفع نبره الصوت بدل من عرض بيانات موثّقة او سرد قصص عن عمال الاهرامات أفقد الحوار علميته.
5. لغة الجسد العصبية والإشارات المتكررة أوحت بأنانية الحوار ومزاجية.
مكاسب وخسائر مصر وسياحتها
المكاسب:
1. ارتفاع كبير في معدلات البحث عن “رحلات إلى مصر”.
2. ظهور محتوى وزارة السياحة الرسمي في اقتراحات اليوتيوب بعد الحلقة.
3. استحداث برامج سياحية جديدة بعنوان “ما وراء الكواليس” لزيارة الحفريات.
4. تغطية إعلامية دولية ضخمة أعادت إبراز صورة مصر السياحية.
الخسائر:
1. انطباع لدى البعض بأن هناك فجوة ثقافية وصعوبة في التواصل مع العلماء المصريين.
2. موجة نقد عبر وسائل التواصل بالإنجليزية تتطلب جهدًا من الهيئات الرسمية لتصحيحها.
جو روجان
المكاسب:
• الحلقة كسرت أرقام المشاهدة وحققت ترندًا عالميًا.
الخسائر:
1. تعرض لانتقادات بأنه لا يجيد إدارة النقاشات العلمية.
2. لم يُظهر إلمامًا حقيقيًا بتاريخ مصر، مما أفقد الحوار عمقه.
3. ركّز على الإثارة دون منح الضيف مساحة كافية للرد.
4. لم يتحقّق من المعلومات، واعتمد على فرضيات ونظريات غير مثبتة.
5. ظهوره الجسدي أحيانًا مائلًا ومتخاذلًا ويغطي وجه في مقاطع أوحى بعدم ارتياحه الشديد .
خامسًا: الدروس المستفادة من اللقاء
1. تحليك بالهدوء = يعني مصداقية
فالعصبية تُفسّر كتعالي حتى ولو كنت تحمل مقادير العلم كله.
2. استخدام الدليل البصري ضروره حيث انه أقوى من ألف كلمة
حيث ان استخدام خريطة ثلاثية الأبعاد واحدة كانت كفيلة بإغلاق باب نظريات الفضائيين.
3. دع النقاش يتنفس؛
الجمهور يحب الحوارات الصريحة المحترمة، وليس المعارك الكلامية.
سادسًا وأخيرًا: نصائحي لأي خبير يظهر في اي لقاء عالمي
•حاول ان تحكي قصة إنسانية: مثلا قصه عن العمال الذين بنو الاهرامات ، قصه حياتهم، طريقه طعامهم، مقابرهم ومنامهم.
• اتفق مه المذيع مسبقًا على جدول الحوار، وادعم كلامك بصور ومواد بصرية.
• عندما تسمع نظرية غريبة، اطلب الدليل بهدوء، ثم قدم حجتك المضادة.
الختام:
ما جرى في بودكاست جو روجان لم يكن سوى عاصفة مليئة بالضجيج، لكنها تكشف عن حاجة ملحة:
أن نتعلم كيف نقدم علومنا للعالم بلغة مؤثرة، هادئة، وبسيطة.
ينبغي أن ندرك جميعًا أن هذه الحضارة ملكٌ لنا جميعًا، ومن واجبنا أن نرويها للناس بأسلوب يصل إلى قلوبهم قبل عقولهم.
ورمز العبقرية الحقيقي أن تتحدث بلغة الدليل لا بلغة الجدل.
فإذا أحسنا القيام بذلك، سنرتقي بصورتنا أمام العالم، ونكسب السياحة، والعلم، والمصداقية في آنٍ واحد.
م أكن أنوي التدخّل أو التعليق على اللقاء الصاخب بين عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس والإعلامي الأمريكي الشهير جو روجان، لكن الضجّة التي أثارها الحوار على منصات التواصل الاجتماعي دفعتني لمحاولة تفكيك المشهد بهدوء، والبحث عن الدروس المستفادة، بدلًا من الوقوف عند سؤال: “مين كسب ومين خسر؟”.
أولًا: ما الذي حدث فعلًا؟
في حلقة امتدت لساعتين ونصف من بودكاست Joe Rogan Experience، استضاف روجان الدكتور زاهي حواس في حوار تمحور حول أسرار الأهرامات، وأبو الهول، والتنقيبات في وادي الملوك. بدا الحوار واعدًا، لكنه سرعان ما انحرف نحو مناطق مشتعلة، حين بدأ روجان يطرح أسئلة عن “الفضائيين”، و”الممرات السرية”، و”حضارة أطلانتس”.
تصاعد التوتر، وتحوّلت الحلقة إلى “شدّ حبل” بين طرفين يتحدثان لغتين مختلفتين تمامًا: لغة العلم التقليدي من جانب، ولغة التريندات والمشاهدات من الجانب الآخر. والنتيجة؟ حلقة صنّفها روجان لاحقًا بأنها “الأسوأ في تاريخه”.
ثانيًا: كيف كان شكل الحوار؟
زاهي حواس ظهر بثقة مفرطة، جعلت بعض المتابعين يصفونه بالمتعالي. كان يُحوّل كل سؤال لسيرة ذاتية، ويُقاطع باستمرار، مما أضعف من تواصله مع الجمهور.
جو روجان، كعادته، ركّز على إثارة الجدل دون تحضير علمي كافٍ، واكتفى بأسئلة غامضة ومشحونة بنظريات المؤامرة، دون محاولة حقيقية للفهم أو الاستماع.
لكن الأهم: غياب الأدلة البصرية. لا خرائط، لا صور، لا توثيق. ما جعل الحوار يبدو كأنه مشاجرة صوتية، لا حلقة نقاش علمي.
ثالثًا: ردود الفعل
في مصر: انقسم الجمهور بين مَن رأى أن حواس “دافع عن الحضارة بكل شراسة”، ومن اعتبره “أضاع فرصة ثمينة لإقناع العالم”.
عالميًا: روجان اعترف بفشل الحلقة، لكن التريند العالمي انفجر بسؤال: “من بنى الأهرامات؟”، مما أعاد مصر إلى واجهة الاهتمام.
رابعًا: من كسب ومَن خسر؟
زاهي حواس:
مكسب: اسمه تصدّر الترندات، ومبيعات كتبه ارتفعت.
خسائر:
1. اتُّهم بالتكبر والانفعال.
2. السيجار في الحوار أعطى انطباعًا غير مريح.
3. التهرب من الإجابة المباشرة أضعف حججه.
4. اعتماده على الكاريزما أكثر من الحقائق أثار استياء البعض.
مصر والسياحة:
مكاسب:
1. ارتفاع البحث عن “Egypt Tours”.
2. ظهور فيديوهات وزارة السياحة في ترشيحات يوتيوب.
3. زيادة الاهتمام العالمي بمواقع الحفريات.
4. تنشيط صورة مصر عالميًا.
خسائر:
1. انطباعات سلبية عن العلماء المصريين.
2. حملات نقد تحتاج لردود ذكية وسريعة من هيئة تنشيط السياحة.
جو روجان:
مكسب: أرقام مشاهدة غير مسبوقة.
خسائر:
1. انتقادات حادّة بسبب ضعف إدارة الحوار.
2. ظهوره كمتحامل وغير محضّر.
3. تفضيله للجدل على حساب المعلومة.
4. لغة جسده كشفت عن ضيق واضح وعدم ارتياح.
خامسًا: الدروس المستفادة
1. الهدوء هو السلاح الأقوى: العلم لا يصل بالصوت العالي، بل بالثقة والاحترام.
2. الدليل البصري لا يُهزم: خريطة واحدة بتقنية 3D كانت ستغني عن ألف كلمة.
3. اسمح بالرد: الجمهور يحب الحوار الحقيقي، لا الصدامات الفارغة.
سادسًا: نصائح لأي عالم في حوار عالمي
احكِ قصة إنسانية: اجذب المشاعر قبل العقول.
جهّز أجندة واضحة: ولا تنسَ الصور، الفيديوهات، والتوثيق.
لا تسخر من السؤال الغريب: اطلب دليله أولًا، ثم قدم حقائقك بهدوء.
باختصار :
ما حدث لم يكن مجرد مقابلة، بل عاصفة إعلامية كشفت الفجوة بين العلم والتواصل الجماهيري. لا نحتاج فقط إلى علماء، بل إلى سفراء حضارة يعرفون كيف يروون قصة مصر القديمة بلغة العالم