سرداب تحت قصر الثقافة بالأقصر.. هبوط أرضي يكشف أكبر واقعة تنقيب عن الآثار داخل منشأة ثقافية

“سرداب تحت قصر الثقافة بالأقصر.. هبوط أرضي يكشف أكبر واقعة تنقيب عن الآثار داخل منشأة ثقافية”
كتبت : راندا رجب
في واقعة مثيرة كشفتها الصدفة، شهدت منطقة أبو الجود شمال مدينة الأقصر هبوطًا أرضيًا مفاجئًا أمام مبنى قصر ثقافة الطفل، ما دفع الأهالي إلى إبلاغ مجلس المدينة، ليكتشف مسؤولو المجلس وجود سرداب سري يمتد من أسفل الشارع حتى داخل مقر القصر، في واحدة من أخطر وقائع التنقيب غير المشروع عن الآثار داخل منشأة ثقافية.
وبحسب مصادر مطلعة بفرع ثقافة الأقصر، تعود تفاصيل الواقعة إلى شهر فبراير الماضي، حين تقدمت إحدى شركات المقاولات بطلب إلى إقليم جنوب الصعيد الثقافي لرفع كفاءة أحد المواقع التابعة له. وبعد عرض عدد من البدائل، وقع الاختيار على قصر ثقافة الطفل الكائن بشقتين في الطابق الأرضي بإحدى عمارات الإسكان الاجتماعي بمنطقة أبو الجود، بزعم ملاءمته لميزانية الشركة، وأنها ستنفذ الأعمال مجانًا كنوع من الدعاية.
وأضافت المصادر أن الجهة الثقافية طلبت من الشركة الحصول على الموافقات الرسمية من مجلس مدينة الأقصر، باعتبار أن المبنى تابع إداريًا له. وبعد أيام، أبلغت الشركة المسؤولين بأنها حصلت على الموافقات اللازمة، وبدأت أعمال التطوير فعليًا في 25 فبراير، وكان من المقرر تسليم الموقع في أول يونيو.
لكن الأمور أخذت منحنى خطيرًا مؤخرًا، عندما حدث هبوط أرضي كشف عن سرداب بعمق 3 أمتار، يمتد من داخل القصر إلى الشارع، ويصل حتى مخازن الحي التابع للمجلس، ليتبين أن الحفر تم سرًا وبشكل غير قانوني.
الحادثة فجّرت أزمة حادة بين الجهات المعنية، حيث تبادلت ثقافة الأقصر ومجلس المدينة الاتهامات بشأن الجهة المسؤولة عن المتابعة والإشراف على الأعمال. ففي حين أكدت مصادر ثقافية أن المتابعة من اختصاص المجلس، أشار مسؤولو المجلس إلى أن الشركة لم تستكمل الإجراءات.
وعقب انتشار الواقعة، انتقل كل من الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، والمهندس عبد المطلب عمارة، محافظ الأقصر، إلى موقع الحادث لمتابعة الوضع ميدانيًا. وكشفت المعاينة الأولية عن حفر خلسة داخل إحدى غرف القصر، يُشتبه أن الهدف منه التنقيب عن الآثار، وسط غياب تام للرقابة من جانب المسؤولين المعنيين.
وفي أعقاب الزيارة، قرر وزير الثقافة إحالة عدد من القيادات والمسؤولين إلى التحقيق العاجل، بينهم رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي السابق، والمدير العام الحالي، ومدير فرع ثقافة الأقصر، وعدد من مهندسي الإدارة والمكتب الفني، فضلًا عن مديري قصر الثقافة وبيت ثقافة الطفل، ومسؤول الأمن بالفرع.
وأكد الوزير أن الواقعة تخضع لتحقيقات النيابة العامة بالأقصر، مشددًا على أن الوزارة لن تتهاون في محاسبة كل من يثبت تقصيره أو تورطه، مؤكدًا أن ما حدث يمثل جريمة في حق المال العام والثقافة المصرية، ويجب مواجهته بكل حسم حفاظًا على مقدرات الدولة وتراثها.