تكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي ووظائف البرمجة: نهاية “الصنايعي” وبداية المهندس الشامل

الذكاء الاصطناعي ووظائف البرمجة: نهاية “الصنايعي” وبداية المهندس الشامل

كتب ا  د  وائل بدوى

في منشور مثير للاهتمام على حسابه الرسمي بفيسبوك، طرح الأستاذ الدكتور أيمن بهاء، مساعد وزير التعليم والتعليم الفني وأستاذ أمن الشبكات بجامعة عين شمس، رؤية تحليلية دقيقة حول التحولات العميقة التي يشهدها سوق البرمجة في ظل الطفرة المتسارعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتطرق الدكتور أيمن إلى ما أسماه “التحول الجذري” في بنية الوظائف البرمجية، مشيرًا إلى أن الأفق لم يعد كما كان قبل سنوات قليلة، وأننا بصدد نهاية عهد وولادة عهد جديد في مهن

من “الصنايعي” إلى المهندس المفكر

بدأ الدكتور أيمن تحليله بالإشارة إلى ظاهرة انتشار ما يُطلق عليهم “صنايعية البرمجة”، وهم أولئك الذين استطاعوا، بفضل أدوات البرمجة المتاحة والمكتبات الجاهزة، بناء برامج متوسطة إلى كبيرة دون امتلاك خلفية علمية عميقة في علوم وهندسة الحاسبات. هؤلاء، وفق ما يرى، يمثلون قاعدة هرم الوظائف البرمجية، في حين يتربع على القمة عدد محدود من المهندسين والخبراء.

وهنا، تدخل أدوات الذكاء الاصطناعي المدعومة بأنظمة مثل “Copilot” لتُحدث زلزالًا في هذا الهيكل. فهي تستهدف بشكل مباشر أعمال المستوى المتوسط والمبتدئ من البرمجة، مما يُنتج:

  • انخفاضًا ملحوظًا في أجور المبرمجين متوسطي المهارات.
  • تسريح أعداد كبيرة من العاملين في قاعدة الهرم البرمجي.
  • تضاعف الطلب على الخبراء ذوي الرؤية المتقدمة، وارتفاع كبير في أجورهم.

نهاية قريبة لوظائف “كاتبي الأكواد”؟

بحسب الدكتور أيمن، فإن الكتابة الروتينية والمتكررة للأكواد ستؤول بالكامل إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي، مما يُنهي الحاجة إلى المبرمجين الذين لا يملكون سوى مهارات تنفيذية دون معرفة ببنية الأنظمة أو القدرة على الحلول الابتكارية.

 

مسار مهني أصعب وأطول

في سياق متصل، لفت الدكتور أيمن إلى أن الدخول إلى سوق العمل سيُصبح أكثر صعوبة، حيث لم يعد إتقان لغة برمجة أو “تراك” كافيًا. بل بات من الضروري امتلاك فهم شامل يمتد إلى:

  • الأمن السيبراني
  • الشبكات
  • أنظمة التشغيل
  • تحليل البيانات

كما أشار إلى أن الانتقال المهني بين مستويات البرمجة لن يعود بالسرعة السابقة، بل سيتطلب سنوات أطول من التعلم والخبرة، في نمط مشابه لما هو معمول به في المهن التقليدية كالهندسة أو الطب.

 

مستقبل أوسع للذكاء الاصطناعي… وتأثيره يتعدى البرمجة

لم تتوقف رؤية الدكتور أيمن عند حدود البرمجة، بل توسعت لتشمل تأثير الذكاء الاصطناعي على قطاعات متعددة:

في مجال التكنولوجيا:

  • اختبار البرمجيات
  • الدعم الفني من المستوى الأول
  • إدارة الأنظمة الروتينية

في باقي المهن:

  • خدمة العملاء: استبدال ممثلي الردود العامة بالروبوتات.
  • المحاسبة والتدقيق: أتمتة المهام المتكررة.
  • القانون: البحث القانوني وإعداد العقود الأولية.
  • الصحافة: كتابة الأخبار السريعة وتلخيص التقارير.
  • التصنيع: تقليل العمالة اليدوية في خطوط الإنتاج.
  • النقل: الاستغناء عن سائقي الشاحنات بفعل القيادة الذاتية.

 

تحديات الشباب في سوق العمل الجديد

أشار الدكتور أيمن إلى أن الشباب سيكونون الأكثر تأثرًا بهذه التحولات، وسيتعين عليهم التكيف السريع من خلال:

  • التعلم المستمر: لم يعد التعليم الجامعي كافيًا، بل أصبح التعلم مدى الحياة ضرورة.
  • التخصص العميق: التفوق لن يكون إلا للمتميزين في مجالات دقيقة.
  • التكيف مع التغيير: من يرفض التغيير سيجد نفسه خارج المنافسة.
  • بناء العلاقات المهنية: الشبكات المهنية ستكون وسيلة فعالة للوصول إلى الفرص.
  • ريادة الأعمال والتفكير الابتكاري: لم يعد العمل التقليدي الخيار الوحيد.

خاتمة: الرؤية واضحة.. لكن التنفيذ تحدي

ما طرحه الأستاذ الدكتور أيمن بهاء يمثل ناقوس إنذار للشباب والجامعات وسوق العمل على حد سواء. فالذكاء الاصطناعي لم يعد خطرًا مستقبليًا بل واقعًا آنيًا، يفرض معايير جديدة للنجاح والاستمرار. من لم يُعد نفسه اليوم، قد لا يجد مكانًا غدًا في سوق عمل يتغير كل لحظة.

تم نسخ الرابط بنجاح!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى