الاستعداد التكنولوجي لافتتاح المتحف المصري الكبير: دمج التراث بالحاضر الرقمي
الاستعداد التكنولوجي لافتتاح المتحف المصري الكبير: دمج التراث بالحاضر الرقمي
كتب ا. د. وائل بدوى
استعدّت مصر لافتتاح المتحف المصري الكبير عبر تبنّي منظومة تكنولوجية متكاملة تُحاكي أفضل التجارب العالمية في إدارة المتاحف. فقد اتجهت الدولة إلى التحول الرقمي في خدمات المتحف من خلال تطوير نظام إلكتروني شامل لحجز التذاكر وتنظيم الزيارات بشكل مسبق، مما يضمن التحكم في كثافة الزوار وتقديم تجربة مريحة وسلسة. كما تم توفير تطبيقات ذكية للهواتف المحمولة تقدّم للزائر خرائط تفصيلية تفاعلية، ومعلومات دقيقة عن القطع الأثرية، بالإضافة إلى جولات صوتية ومرئية بعدة لغات لتلبية احتياجات الزوار من مختلف الجنسيات.
لم يقتصر التطوير على الخدمات الخارجية فقط، بل امتد ليشمل أساليب العرض داخل المتحف. فقد تم الاعتماد على تقنيات الهولوغرام، والواقع الافتراضي، والواقع المعزز لإحياء الحضارة المصرية القديمة بطريقة عصرية تمكّن الزائر من التفاعل مع التاريخ بصورة غير مسبوقة. كما تم تجهيز القاعات بأنظمة عرض ضوئي وصوتي متطورة لخلق بيئة غامرة تمنح الزائر إحساسًا فريدًا بدخول الزمن القديم.
أما على صعيد الأمن، فقد حرصت مصر على تطبيق أحدث أنظمة الحماية الذكية داخل المتحف وخارجه، بما في ذلك كاميرات مراقبة عالية الدقة، وأنظمة التعرف على الوجوه، وأجهزة الاستشعار المتصلة بشبكات تحكّم متقدمة، وذلك لضمان أعلى مستويات الأمان للزوار والمقتنيات الأثرية. وامتدت الاستعدادات أيضًا إلى مجال حماية الآثار، حيث تم إنشاء مركز ضخم للترميم يُعد الأكبر في الشرق الأوسط، ويضم أحدث الأجهزة العلمية والمختبرات المتخصصة في تحليل المواد الأثرية واستعادتها، إلى جانب أنظمة تحكم بيئي للحفاظ على مستويات ثابتة من الحرارة والرطوبة بما يتوافق مع المعايير الدولية.
كما اعتمدت إدارة المتحف على بنية تحتية ذكية تشمل أنظمة إدارة آلية للتحكم في الإضاءة والتكييف والطاقة، بما يضمن كفاءة استهلاك الموارد واستدامة التشغيل. وتم تزويد المتحف بشبكات اتصال وإنترنت عالية السرعة لإتاحة خدمات رقمية متقدمة للزوار، وتحقيق تجربة متحفية متكاملة تجمع بين عراقة التاريخ وتطور التكنولوجيا.
وبهذه الجهود، استطاعت مصر أن تدمج بين الماضي العريق والتقنيات الحديثة في مشروع يُعد مركزًا عالميًا للتراث والحضارة، ويعكس رؤية الدولة في تقديم نموذج متحف عالمي قائم على الابتكار والمعرفة، مما يعزز مكانتها الثقافية والسياحية على مستوى العالم.
 
				


