اكتشافات الخروبة تؤكد قبضة مصر عسكريا واداريا وتجاريا علي سيناء
اكتشافات الخروبة تؤكد قبضة مصر عسكريا واداريا وتجاريا علي سيناء

كتبت: رباب حرش
أوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة أن تل الخروبة بشمال سيناء أطلقت عليها سلطة الاحتلال “هاروفيت” وذلك لتهويد آثار سيناء، كما أطلقت على قلعة اكتشفوها فى “عين المويلح” 5كم غرب القصيمة بوسط سيناء اسم أحد علمائهم “يوهانان أهارونى” وبعد قيام الدكتور محمد كمال مدير عام آثار شمال سيناء الأسبق بأعمال حفائر بها عام 2010 أطلق عليها اسم المويلح نسبة إلى عين المويلح
كما تم محو اللوحات العبرية بمشاركة الدكتور محمد عبد المقصود مدير عام آثار شمال سيناء الأسبق وأمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق والتى قامت سلطات الاحتلال بوضعها على المواقع الأثرية بجنوب سيناء مثل وادى فيران ووادى المغارة وسرابيط الخادم ووادى النصب، وهذه اللوحات أغفلت الأسماء العربية لهذه المواقع من آثار سيناء إمعانًا فى تهويد آثار سيناء
وأضاف الدكتور ريحان أن تل الخروبة هى أحد التلال الأثرية الهامة التي تقع على الطريق الحربي القديم الواصل بين مصر وفلسطين والذي يبدأ عند منطقة طريق حورس (تلال حبوة) بالقنطرة شرق حتى مدينة رفح، وتقع الخروبة على طول الطريق بين رفح والعريش على بعد حوالي 30كم غرب رفح، 15 كم غرب الشيخ زويد ، 16 كم شمال شرق العريش.
تم توثيق محطة طريق الخروبة (نسبة إلى شجرة الخروب) التي تعود إلى القرون الوسطى في مصادر تعود إلى القرنين الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين
وقام الآثارى الفرنسى جان كليدا بالعمل بالخروبة وذكر أنها أحد المحطات التي تعود إلى القرون الوسطى.
ونوه الدكتور ريحان إلى الحفائر غير الشرعية التى قامت بها سلطة الاحتلال الإسرائيلى بالخروبة بواسطة بعثة جامعة بن جوريون برئاسة أليعاذر أورين في الفترة من 1979 وحتى 1982، وأقام الإسرائيليون بمنطقة الخروبة وأطلقوا عليها لتهويدها (موشاف هاروفيت) وتُعني مستوطنة زراعية عام 1975 وتم تفكيكها عام 1983
وقد نشرت الدكتورة يسرية عبد العزيز حسني أستاذ التاريخ والآثار السابق بالمعهد العالى للسياحة والفنادق ايجوث نتائج حفائر سلطات الاحتلال بالخروبة فى كتاب صادر عن دار هلا للنشر الطبعة الأولى ٢٠٠٣ بعنوان “المدخل الشرقي لمصر” وشملت قلعة عسكرية من الدولة الحديثة وموقع ادارى يبعد حوالى 400 م شمال القلعة العسكرية وعدد كبير من الفخار المحلى والمستورد
ونوه الدكتور ريحان إلى أن الحفائر كشفت عن مجمع هام لمواقع من عصر الدولة الحديثة وقد تم التركيز في الحفائر على موقعين يمثلان العمار الحربية المصرية طريق حورس الحربى وكذلك نموذج لمبانى الحياة المدنية، بنيت قلعة خروبة على مسطح كتلة رمال سوداء على حوالى ثلاثة آلاف متر مربع تقريبًا تتوسط الرمال الداكنة والبناء الفعلى للقلعة يمتد حوالى 2500 م2، مربعة طول الضلع 50م على مسطح من الرمال ذات مدخل يقع في الشرق من السور الشرقى للقعلة وسمك الأسوار 4م ومبنية بالطوب اللبن من الطفلة الرملية بالمنطقة وبالركن الشمالى الشرقى للقلعة كتف ضخم يمكن أن يكون قاعدة لبرج مراقبة
وتشبه القلعة الأبنية المحلية في مصر خلال عصر الدولة الحديثة والمدخل الوحيد للقلعة عبارة عن بوابة 13م طول، 12م عرض تفتح في الحائط الشرقى للقلعة ويبلغ طول ممر المدخل 16م وعرضه 3.70م وقد أنشئ ليسمح بمرور العربات الحربية والكتفان البارزان اللذان يحيطان بالمدخل يكونان مع البوابة وحدة دفاعية قوية مقاساتها 13م طول، 8م عرض
وتابع الدكتور ريحان من خلال كتاب الدكتورة يسرية عبد العزيز أن الجناح الشمالى من القلعة يضم مجموعة حجرات وصوامع ومخازن وفناء صغير متاخم للسور استخدم مطبخًا حيث كشف فيه عن سبعة أفران، أمّا الجناح الغربى للقلعة فيشمل مجموعة من الحجرات استعملت للإقامة والتخزين، وقد تم التعرف على طرق بناء العمارة الحربية بدقة وعلى وجه صحيح في طريق حورس بشمال سيناء وكذلك مقارنته واختباره مع الحصون التى حددت في نقش الكرنك للملك سيتى الأول بالأقصر حيث يوضح النقش حوالى 20 محطة منها 11 منشأة حصينة
والموقع الثانى فى مجمع الخروبة يلقى الضوء على الإدارة المصرية في شمال سيناء في موقع من مواقع طريق حورس، يبعد 400م شمال القلعة وقريبًا من خط الساحل وسط الكثبان الرملية الساحلية
كما تم الكشف عن ورش الفخار من الدولة الحديثة في النهاية الشرقية للموقع والذى ساعد على فهم تقنية صناعة الفخار في هذه الفترة في شمال سيناء وفى مصر كلها، أمّا الجزء الشمالى للحى الصناعى فكان مشغولاً بمجموعة من المعسكرات التى تخدم في كل الاحتمالات تخزين الطينة لعمل الفخار
كما عثر على مكتشفات من بقايا الفخار والخزف والزجاج صنعت من طين الدلتا أو طينة ذات مكونات كلسية (عالية الجير) وأشكال أوانى تمثل الشخصية المصرية في صناعة الفخار، ويعتبر فخار (خروبة) ذو أسلوب مصرى صرف كما كشف بالموقع على صومعة من الفخار عليها خرطوش كبير باسم الملك سيتى الثانى وبقايا أوانى فخارية عليها نقش خرطوش الملك سيتى الثانى ووجود هذه الأوانى بدون شك يوضح خاصية الإدارة في شمال سيناء و جنوب فلسطين ويحمل دليلًا على تواجد الإدارة والسيادة المصرية على هذه المناطق في تلك الفترة من عصر الدولة الحديثة .
واختتم الدكتور ريحان بأن أهمية هذا الكشف بالخروبة تؤكد على قبضة المصريين وسيطرتهم على طريق حورس في شمال سيناء وتؤيد الدلائل من الوثائق المصرية على سيطرة الرعامسة على أغلب الطرق السريعة إلى كنعان، وأصبح واضحًا أن أغلب نظم التحصينات المصرية بنيت في الأسرة 19 الفترة التى ذكرت بواسطة نقوش الكرنك لنظم الاصلاحات على طريق حورس بشمال سيناء تحت حكم سيتى الأول ووجدت صهاريج من الفخار في قلعة (خروبة) باسم سيتى الثاني.
وأكدت الكشوفات الأثرية أن مصر ظلت محافظة على قبضتها على شمال سيناء وحضور قوى في كنعان تحت حكم سيتى الثالث وأرملته وخليفته (تاوسرت)
وأن الاكتشافات الأثرية في شمال شرق سيناء والنقب الغربية أكملت صورة الإدارة المصرية والنظام العسكرى في الإقليم الساحلى لشمال سيناء وأثبتت النفوذ القوى للثقافة المصرية في هذه المنطقة
وأن اكتشاف المراكز الإدارية على طول المواقع الحربية بشمال سيناء أضاف بعدًا لفهم الحكومة المصرية في شمال سيناء حيث أظهر الارتباط بين النظام الحربى ونظام مراقبة بيروقراطى للتجارة لتجميع الأعمال والضرائب وإشباع احتياجات العساكر في الحامية وفى معسكرات الجيش والتى تتوقف هناك للتزود بالمؤن أو إقامة معسكرات