الجرائم الإلكترونية في مصر: التهديدات والتوجهات وفقًا لتقرير Group-IB 2025

الجرائم الإلكترونية في مصر: التهديدات والتوجهات وفقًا لتقرير Group-IB 2025
كتب د. وائل بدوى
شهدت مصر خلال عام 2024 تصاعدًا ملحوظًا في التهديدات السيبرانية، حيث أصبحت البلاد هدفًا رئيسيًا لمجموعات التهديد المستمرة المتقدمة (APTs) والهجمات الإلكترونية المنظمة. وفقًا لتقرير Group-IB High-Tech Crime Trends 2025، فقد تأثرت القطاعات الحكومية والمالية والبنية التحتية الرقمية في مصر بشدة، مما يعكس تصاعد التحديات في مجال الأمن السيبراني.
أبرز التهديدات الإلكترونية في مصر
🔹 الهجمات المستمرة المتقدمة (APTs):
تم تصنيف مصر ضمن الدول الأكثر استهدافًا من قبل جهات مدعومة حكوميًا، لا سيما من قبل مجموعات مثل APT28 وLazarus وOilRig. هذه المجموعات استهدفت المؤسسات الحكومية، وقطاعات الطاقة، والبنوك، والأنظمة الحيوية في مصر بهدف جمع معلومات استخباراتية أو تعطيل العمليات الحساسة.
🔹 هجمات الفدية (Ransomware):
شهدت مصر ارتفاعًا في هجمات برامج الفدية التي تستهدف الشركات والمؤسسات، حيث يقوم المهاجمون بتشفير البيانات وطلب فدية مالية لفك التشفير. وقد ساهم توسع خدمات Ransomware-as-a-Service (RaaS) في تسهيل تنفيذ مثل هذه الهجمات من قبل جهات مختلفة.
🔹 الاحتيال والقرصنة المالية:
تزايدت عمليات سرقة البيانات المالية عبر الإنترنت، خاصة مع انتشار تقنيات الاحتيال المتطورة مثل التصيد الاحتيالي (Phishing) واختراق البريد الإلكتروني للأعمال (BEC). وفقًا للتقرير، شهدت مصر ارتفاعًا في عدد الضحايا الذين تعرضوا لعمليات الاحتيال عبر المنصات المالية الرقمية.
🔹 الاستغلال السحابي وهجمات الهوية الرقمية:
مع تحول العديد من المؤسسات المصرية إلى استخدام الحلول السحابية، باتت الهجمات التي تستهدف الخدمات السحابية تمثل تهديدًا رئيسيًا. كما أصبحت الهجمات التي تعتمد على سرقة الهوية الرقمية واستخدامها في عمليات الاختراق أكثر شيوعًا.
أبرز الحلول لمواجهة التهديدات السيبرانية
🔸 تعزيز الأمن السيبراني الحكومي:
يتطلب الوضع الراهن تعزيز التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص لتطوير استراتيجيات أمنية متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لرصد ومنع الهجمات قبل وقوعها.
🔸 تطوير قدرات التحقيق الرقمي:
مع تزايد التهديدات، يجب على الجهات المختصة في مصر تعزيز قدراتها في مجال التحقيقات الرقمية والاستجابة للحوادث الأمنية بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
🔸 تعزيز الوعي الأمني:
يظل الوعي الأمني بين الأفراد والشركات هو الدفاع الأول ضد الهجمات السيبرانية. يجب تكثيف الدورات التدريبية والتوعية بأحدث أساليب الاحتيال والتصدي لها.
🔸 تعزيز التعاون الإقليمي والدولي:
نظرًا لأن التهديدات السيبرانية تتخطى الحدود الوطنية، فإن تعزيز التعاون مع الجهات الإقليمية والدولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية يعد أمرًا بالغ الأهمية.
مع تصاعد التهديدات السيبرانية في مصر كما يوضح تقرير Group-IB High-Tech Crime Trends 2025، يصبح من الضروري التكيف مع التطورات الحديثة في مجال الأمن الرقمي. التوقعات تشير إلى أن العام القادم سيشهد تحولات جوهرية في طبيعة التهديدات الإلكترونية وآليات التصدي لها.
الاتجاهات المتوقعة في الأمن السيبراني بمصر لعام 2025
🔹 تصاعد الهجمات المدعومة حكوميًا
من المتوقع أن تستمر الجهات الفاعلة المدعومة حكوميًا في استهداف البنية التحتية الرقمية المصرية، خصوصًا في القطاعات الحيوية مثل الحكومة، والبنوك، والطاقة، والاتصالات. مع تزايد استخدام مصر للتكنولوجيا في مؤسساتها، ستسعى هذه المجموعات لاختراق الأنظمة الحساسة للحصول على معلومات استراتيجية.
🔹 التحول إلى الذكاء الاصطناعي في الجرائم الإلكترونية
يشير التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة مزدوجة الاستخدام، حيث تستعين به الجهات المدافعة عن الأمن السيبراني لرصد الهجمات، لكنه في نفس الوقت أصبح يُستخدم من قبل المجرمين الإلكترونيين في تطوير عمليات الاحتيال والهجمات المستهدفة، مثل الهجمات القائمة على التزييف العميق (Deepfake) وانتحال الهوية الرقمية.
🔹 زيادة الاعتماد على العملات الرقمية في الجرائم المالية
مع نمو استخدام العملات الرقمية مثل البيتكوين، يتوقع التقرير أن تصبح وسيلة أساسية لغسل الأموال وتمويل الهجمات الإلكترونية. ستواجه مصر تحديًا متزايدًا في تتبع العمليات المالية المشبوهة المرتبطة بالهجمات السيبرانية، مما يتطلب تطوير أنظمة متقدمة لمراقبة التعاملات الرقمية.
🔹 انتشار نماذج الاحتيال الإلكتروني على منصات التواصل الاجتماعي
شهد عام 2024 تزايدًا في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي كأداة رئيسية في تنفيذ عمليات الاحتيال الإلكتروني، من خلال التصيد الاحتيالي، وهجمات الهندسة الاجتماعية، وسرقة البيانات. تشير التوقعات إلى أن هذا النوع من الجرائم سيزداد تعقيدًا في عام 2025، مما يستدعي تعزيز آليات المراقبة الإلكترونية والتوعية المجتمعية.
🔹 ارتفاع الهجمات على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
تتركز الجهود الأمنية غالبًا على حماية المؤسسات الكبرى، بينما تتعرض الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر لهجمات متزايدة بسبب ضعف استثماراتها في الأمن السيبراني. ستحتاج هذه المؤسسات إلى دعم تقني وتدريب مكثف لحماية بياناتها من الاختراقات.
الإجراءات المطلوبة لتعزيز الأمن السيبراني في مصر
🔸 إنشاء مركز وطني لمكافحة الجرائم السيبرانية
يجب على مصر الاستثمار في مركز وطني متكامل لرصد وتتبع التهديدات السيبرانية، يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي ويستفيد من التحليلات المتقدمة لتوقع الهجمات قبل وقوعها.
🔸 تطبيق سياسات صارمة للأمن السيبراني في المؤسسات الحكومية والخاصة
ينبغي على جميع المؤسسات المصرية تبني استراتيجيات “التحصين الصفري” (Zero Trust)، والتي تضمن تقليل إمكانية الاختراق حتى في حال تعرض النظام للهجوم.
🔸 تعزيز التعاون مع الهيئات الدولية
يعد التعاون مع المنظمات الأمنية الإقليمية والدولية أمرًا ضروريًا لتعزيز تبادل المعلومات حول الهجمات الإلكترونية، مما يساعد في بناء دفاعات أكثر فاعلية ضد التهديدات العابرة للحدود.
🔸 تطوير برامج تعليمية متقدمة في الأمن السيبراني
يجب أن تشمل الجامعات والمراكز التعليمية المصرية مناهج متطورة للأمن السيبراني، لتخريج جيل جديد من الخبراء القادرين على مواجهة الهجمات الإلكترونية المتزايدة.
🔸 تعزيز حملات التوعية الإلكترونية
يظل العنصر البشري هو الحلقة الأضعف في الأمن السيبراني، لذا من الضروري إطلاق حملات وطنية لتوعية المواطنين والشركات بأفضل ممارسات الحماية الرقمية، مثل تجنب الروابط المشبوهة، واستخدام المصادقة الثنائية، والتحديث المنتظم للأنظمة الأمنية.
نحو مستقبل رقمي أكثر أمانًا
تقرير Group-IB 2025 يسلط الضوء على التهديدات المتزايدة التي تواجهها مصر في الفضاء السيبراني، لكنه أيضًا يحدد الفرص المتاحة لتعزيز الحماية الرقمية. من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، وتعزيز التعاون الدولي، وزيادة الوعي المجتمعي، يمكن لمصر بناء بيئة سيبرانية أكثر أمانًا، تحمي بياناتها ومؤسساتها من المخاطر الإلكترونية المتزايدة.
تقرير Group-IB 2025 يعكس صورة مقلقة عن التهديدات الإلكترونية المتزايدة التي تواجهها مصر، مما يستدعي اتخاذ إجراءات استباقية لحماية الأمن السيبراني الوطني. الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة، والتدريب، والتعاون الدولي، سيمكن مصر من التصدي لهذه التهديدات بفعالية، والحفاظ على أمن بياناتها وبنيتها التحتية الرقمية.